Categories
مقالات

○فقراء بأرواح غنية○ #سميه_الصريمي

○فقراء بأرواح غنية○

#سميه_الصريمي

تنتعش ليالي رمضان بأضواء السيارات والمنازل التي تجعل الليل أكثر توهجا، وزحمة الشوارع التي تكتظ بالمتسوقين الحاملين بأيديهم مشتريات العيد وأبواب المحلات والمقاهي التي تفتح ذراعيها ترحب بالزوار.
كذلك النكهة الخاصة التي يضيفها الأطفال بأصواتهم وضحكاتهم العالية، فرمضان يتيح لهم فرصة البقاء واللعب في الشارع حتى ساعات متقدمة من الليل.
تأملت هذه الملامح الجميلة لرمضان من نافذة الباص الذي كان يتنقل بنا من مكان لأخر، ثم وقف ليصعد الركاب وكان من بينهم سيدة بدا عليها الفقر من ملابسها الرثة وحقيبتها الممزقة.
كانت تحمل بيدها كيسا فيه خبز وبقايا طعام, جلست بجواري وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث، فأخبرتني انها تخرج كل ليلة تقصد بعض المنازل تترقب منهم صدقة فيعطوها ما طاب له الخاطر من بقايا طعام وغيره لتعود به الى أبنائها الخمسة الذين وافت المنية اباهم منذ نعومة أظافرهم.
تابعت الحديث عن ابنائها وعن حياتهم المريرة وصعوبة العيش التي تواجههم كل يوم, شعرت بعظيم الصبر الذي يسكن في جوانح هذه السيدة, تحدثنا عن أشياء عديدة، الى ان توقف الباص في دوار، ينتظر فيها اشارة رجل المرور بمواصلة السير، حينها غادرت السيدة متجهة نحو الطريق التي تقودها لمنزلها.
وبينما نحن ننتظر اشارة المرور، لمحت تلك السيدة وهي تقترب من متسولة كانت قابعة على قارعة الطريق تمد يدها طلبا للعون من المارة، فوقفت أمامها وأعطتها بعضا من بقايا طعام كانت تحمله في كيسها.
هالني منظرها وهي تعطف على فقير مثلها، يتجاوزه ميسورو الحال دون اكتراث, فبالرغم من قلة ما تملكه هذه السيدة وشظف العيش الذي بات سمة لحياتها، إلا انها ما زالت تتمتع بقلب كبير لم يضق رحابة بضيق الحياة التي فرضها الواقع عليها.

#مؤسسة_بنيان_التنموية
#BonyanDevelopmentFoundation