Categories
لقاءات

نائب المدير التنفيذي لصحيفة المسيرة: المؤسّسات الإغاثية المحلية تتحرك بدافع إنساني وطني بينما الدولية تحول مسارها وأهدافها

نائب المدير التنفيذي لصحيفة المسيرة:

  • بُنيان بذلت جهوداً جبارة في العمل الإغاثي والتنموي رغم قصر الفترة الزمنية لتأسيسها
  • تبنّت المؤسّسة مشروعَي “إطعام” و”أغنياء من التعفّف” اللذين يغطيان احتياجات أكثرَ من 36 ألف أسرة
    هناك أعمال تنموية هدفُها تحويلُ الفرد من مستفيد ينتظرُ المساعدةَ إلى منتج يغطّي احتياجاته بشكل مستدام
  • نطالب بتحييد العمل الإنساني عن دائرة الصراع وبرنامج الغذاء العالمي تحوّل إلى برنامج سياسي غير عادل
  • ميزانيتنا التشغيلية تقل عن 5% والميزانية التشغيلية لبرنامج الغذاء مهولة وغير منطقية لأن مسؤوليتَنا إنسانيةٌ وطنيةٌ قمنا بتغطية مناطقَ في اليمن بأعمال إنسانية لم يصل إليها برنامجُ الغذاء ولا المنظمات الدولة الأُخْـــرَى
  • المواد التي نقوم بتوزيعها منتجات وطنية وأُخْـــرَى مستوردة ذات جودة عالية بينما المنظمات الدولية لا يهمها سلامة المستهلك وجودة المواد

حاوره| فاروق علي:
للحروب كثيرٌ من التجار يستغلونها لزيادة مكاسبهم على حساب عامةِ الناس، فمع أن عبارةَ تجار الحروب لا تبدو غريبةً على معظم الناس ومن الساذجة شرحُها أَو تعريفُها؛ كون الجميع يعتقدُ جازماً معرفةَ ذلك إلّا أن ما يلتبس على الناس معرفة هؤلاء المتاجرين الذين لا تزدهرُ أرباحُهم إلّا على مسابح الدم وآلام الفقراء، لكن هؤلاء ينقسمون إلى نوعَين فمنهم مَن لا يُخفِي تلك التجارة ويعملُ في وضح النهار، والقسم الآخر يتمثّلُ في المزايدين بمعاناة الناس والمستغلين لحاجياتهم ويرفعون شعاراتٍ في ظاهرها مساعدة المتضررين وتقديم العون للضحايا، وهذا الحال ينطبق على بعض المنظمات الدولية العاملة في الجانب الإنساني.
ومنذ أربع سنوات بمعاناة اليمنيين جراء العدوان، يتم رصدُ مبالغَ مالية ضخمة للمساعدات من قبل الأمم المتحدة إلّا أن أثرَ هذه الأموال لا ينسجم مع حجمها، إذ يتم إهدارُها بشكل يجعل هذه المنظمات ضمن دائرة تجار الحروب، وإلّا ما الذي يفسرُ استقدامَ برنامج الغذاء العالمي شحناتٍ من الغذاء المنتهي الصلاحية أَو الذي يوشك على الانتهاء ومن مصادر مشبوهة حتى أنه -أي برنامج الغذاء العالمي- يرد على ضغوط الجهات المعنية الرافضة لهذه المساعدات التالفة بأنه سيتولى إتلافها، وكأنه يرى في اليمن بمأساتها مكبَّ نفايات لا أكثرَ، عوضاً عن استهتاره بالجائعين الذين كانوا في انتظارها، إضافة إلى أن أكثرَ من ربع هذه الأموال المخصصة لأعمال الإغاثة تذهب لميزانية البرنامج التشغيلية الضرورية.
وللاطلاع على الكيفية التي يتم بها العملُ الإغاثي وأمام كُــــلّ تلك الحقائق حاولنا الوقوف على طبيعة العمل الإغاثي في نفس البيئة التي يعمل فيها برنامج الغذاء؛ كي نكون منصفين في إصدار الأحكام، حيثُ التقينا بنائب المدير التنفيذي لمؤسّسة بُنيان التنموية، أحمد الكبسي، وأوردنا حجج برنامج الغذاء التي يسردها للتبرير لحالة الفساد التي يغرق فيها.

– بداية.. أُستاذ أحمد مؤسّسة بُنيان التنموية شكلت أكبر روافع العمل الإنساني المحلية من حيث الأعمال الإغاثية التنموية التي تنفذها منذ سنتين حتى أنها نافست المنظمات الدولية والكلام يعود لبعض المراقبين وكذلك المستفيدين منها.. ما حقيقةُ هذا الكلام؟
بسم الله الرحمن الرحيم.. أولاً المقارنةُ بين المؤسّسة والمنظمات الدولية غير منطقية؛ كون المنظمة تعتمدُ على الدعم الذاتي، بينما المنظماتُ الدولية تتلقى مبالغَ طائلةً من المساعدات الدولية التي تُقدَّمُ من المجتمع الدولي، لكن بالطبع مؤسّسةُ بُنيان بذلت جهوداً جبارة في العمل الإغاثي والتنموي على الرغم قصر الفترة الزمنية لتأسيسها، فقد قدمت المؤسّسةُ أكثرَ من 200 ألف سلة غذائية ضمن مشروع واحد لعملها الإغاثي منذ انطلاقها، وَلديها عدةُ مشاريعَ مختلفةٍ تنموية منها على سبيل المثال مشروع إطعام ومشروع أغنياء من التعفف الذي يغطي احتياج 36 ألف أسرة بشكل يومي يعادل 150 ألف نسمة تقريباً، وهناك عمل تنموي يعتمد على تحويل الفرد من مستفيد ينتظر المساعدة إلى فرد يغطي احتياجاته بشكل مستدام من خلال دعمه على سبيل المثال في مجال الزراعة والاستفادة من الأراضي الصالحة للزراعة وتشجيع الصناعات اليدوية والحرفية، ونحن لا نريدُ الإسهابَ في الحديث عن دور المؤسّسة؛ لأَنَّنا سنترك ذلك للميدان.

– خلال الأيام الماضية حدث إشكال بين برنامج الغذاء والسلطات في صنعاء علّق البرنامج على إثر ذلك بشكل جزئي عمله نتيجة تمسك السلطات بضرورة التزام البرنامج بتقديم مساعدات سليمة وغير تالفة.. كيف تنظرون إلى هذه الخطوة من قبل برنامج الغذاء العالمي؟ وما أبعادها على الوضع الإنساني؟
نأسَفُ لاستغلال الوضع الإنساني في أبعاد سياسية، سواء من قبل برنامج الغذاء العالمي أَو غيره من المنظمات الدولية؛ كون هذه الممارسات تؤثرُ على المحتاجين في مختلف المحافظات، ونجدد المطالبةَ بِضرورة تحييد العمل الإنساني عن دائرة الصراع.

– كمؤسّسة إغاثية وتنموية تعمل في البيئة التي يشتغل فيها برنامج الغذاء.. ما نسبة الميزانية التشغيلية من حجم الميزانية الكلية للمؤسّسة؟ وما مدى واقعية الميزانية التشغيلية لبرنامج الغذاء العالمي التي تتجاوز ربع مبلغ المساعدات؟
بالنسبة للميزانية التشغيلية في برامجنا الإغاثية فإن أكبرَ نسبة بلغت 7% وهي تقتصر على برنامج إطعام وهذا رقم قياسي يعود إلى أن الآلية التنفيذية للمشروع والتي كانت تقتضي إيصال المساعدات إلى كُــــلّ بيت مستفيد من هذا المشروع، حيثُ لم تكن هناك طوابيرُ للمستفيدين ولا ازدحام، وهذه الميزانيةُ إذَا ما تمت مقارنتها بنظيراتها من المنظمات الدولية فهي نسب بسيطة جداً.
وهناك مشاريعُ الميزانية التشغيلية لا تتجاوز فيها 2%، وللعلم بالشيء فإن النفقات التشغيلية للمؤسّسة بشكل كلي بما فيها الميزانية المتعلقة بالتأسيس بلغت 5%، وحقيقة نحن صُدمنا بحجم المبالغ التي تُرصَدُ كميزانيات تشغيلية في معظم المنظمات الدولية وعلى رأسها برنامج الغذاء العالمي فإنها ضخمة جداً وتضع الكثيرَ من التساؤلات: في ما تُصرف ولما كُــــلّ هذا العبث؟!.

– استناداً إلى الأموال التي ترصدها المنظمات الدولية لإغاثة اليمنيين، هل نستطيع القول إن المنظماتِ الدوليةَ تقومُ بواجباتها الإغاثية بحيث تصلُ إلى كُــــلّ المحتاجين في جميع المناطق؟
عند دراستِنا لحجم الاحتياج في كُــــلّ المناطق على مستوى اليمن لاحظنا أن بعضَ المناطق لم تحظَ باهتمام المنظمات الدولية أَو تشملها المساعدات سواء بقصد أَو بغير قصد، وبالتالي كان الواجب علينا مساعدة هؤلاء الناس، سواء عن طريق السِّلال الغذائية أَو عن طريق التنمية المجتمعية؛ لأَنَّنا نؤمن بأن الإغاثة هي عبارةٌ عن مسكنات آنية وليست حلولاً، وكان يجبُ أن يقدم العلاج وللأسف جميع المنظمات الدولية زادت من هذه المسكنات، سيما المناطق الزراعية حتى وصل الحال إلى الإدمان، حيث استمر هذا الحال سنتين.
وبعد كُــــلّ هذا، بتنا نسمع عن تعليق للمساعدات الغذائية من قبل المنظمات وهذه الخطوةُ تثيرُ الكثيرَ من التساؤلات، وهنا نقول بأن العمل الإغاثي يفترض أن يستمر لمدة ستة أشهر فقط ويتحول بعد ذلك إلى العمل التنموي أَو أن تعمل المنظماتُ بالتوازي مع العمل الإغاثي عملاً تنموياً.

– تقول بأن المنظمات الدولية لم تصل إلى بعض المناطق سيما في خطوط النار.. لماذا برأيك لم تؤدِّ بعضُ المنظمات الدولية وظيفتَها كما يجب؛ لمساعدة هؤلاء الناس وهم أكثرُ من تنطبق عليهم شروطُ المساعدات؟
ربما تكونُ لهم أهدافٌ معينةٌ من تقديم المساعدات، لكن نحن ننطلق في تقديم المساعدات من منطلق وطني، ودوافعنا أكثر، كمؤسّسة وطنية ما يهمنا هو مساعدة المواطن اليمني ونفذنا أعمالاً إغاثية في منطقة الساحل في المناطق المحاصَرة، وكذلك في ميدي وتعز وعبس وفي الجوف وصعدة وكثير من المناطق الساخنة كان لنا تدخُّلٌ إغاثي سريع، وكنا نوصل المساعدات إلى بيوت المحتاجين؛ خوفاً عليهم من الاستهداف أثناء محاولاتهم الوصول إلى مناطقَ توزيع المساعدات؛ وحفاظاً على كرامتهم، وقد تعرضت بعضُ طواقمنا للقصف، والحمد لله لم تكن هناك خسائرُ، وهذا ما لم يحصل مع المنظمات الدولية مطلقاً.

– هناك فروقٌ كبيرةٌ بين بعض المنظمات الدولية وبعض المنظمات الوطنية بحيث أن بعضَ المنظمات الوطنية تتميَّزُ بسُرعة تدخلاتها بعكس المنظمات الدولية التي تتحجَّجُ بالدراسات الميدانية، بينما قد يموتُ الناسُ في انتظار آلية توزيع معينة.. ما مدى منطقية هذه الحج؟
نحن مع الدراسات ولكن الدراسات تعتمدُ على نوعية المشروع، فهناك دراساتٌ عاجلةٌ كالاستجابة الطارئة، فبالنسبة لنا في مؤسّسة بُنيان تحتاجُ لتدخل سريع، فالمواطن لا يمكن أن ينتظر حتى يموتَ في انتظار استكمال الدراسة، وعليه يجبُ أن تكون هناك دراساتٌ سريعة أولية، بحيث لا يجبُ أن تكونَ ذريعةً لتأخير تقديم العون للمستفيد، وبعدها يمكن إعادة الدراسات للمشاريع التنموية طويلة الأمد نحن كمؤسّسة وطنية لدينا ثقة كبيرة من قبل المجتمع؛ ولذلك يخرج الكثير من المتطوعين يتبعون المؤسّسة وهم يتولون عمليةَ التوزيع، وهذا ما سهّل عملَنا؛ ولذلك حققنا نجاحاً كبيراً.

– بين الفينة والأُخْـــرَى الأجهزة المعنية تكتشف الكثيرَ من المساعدات التالفة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي.. إلى أي مدى إمكانية تلف هذه الكميات؟ وهل سبق تلف كمياتٍ من المساعدات لديكم في المؤسّسة؟
بالنسبة لنا في بُنيان، الأولويةُ لدينا للمنتج الوطني وكذلك صلاحية هذه المواد قريبة الإنتاج، نحن نقوم بالفحص والتأكّـــد من صلاحية هذه المواد في المخازن، وأذكر هنا أننا كنا بصدد شراء كمية من القمح لكننا تفاجأنا بأن هذه المواد لم يتبقَّ على صلاحيتها سوى ستة أشهر، وكنا سنقوم بتوزيعها بعد أسبوعين لكننا أرجعناها؛ لأَنَّه الفترة الصلاحية المتبقية قصيرة
، وَقد تحدث عراقيلُ لتسليم هذه المساعدات نتيجة الحصار أَو الحرب سيما أنه قد سبق استهداف مخازننا..، واستبدلناها بمواد حديثة الإنتاج بعد فحصها من قبل أخصائي التغذية التابعين لنا، أما بالنسبة للمنظمات الدولية لا نعرف الأسباب التي تقف خلف تلف المواد الغذائية في مخازنها ولا نجد أي عذر قد يعفيها من المسؤولية سيما أن لديهم قدراتٍ وإمكانياتٍ كبيرةً جداً عشرات أضعاف ما نمتلكه، وبالتالي تقع المسؤولية على الجهات المختصة في منع دخول هذه المواد إلّا بعد فحصها وإبراز ذلك للرأي العام وأن يكون هناك وضوح، حيث تتم دعوةُ منظمات المجتمع ووسائل الإعلام؛ للاطلاع عن كثب على حقيقة الأمر وعن أسباب منع دخول هذه المواد؛ لمنع اللغط حول ذلك.

– في إحدى ردود برنامج الغذاء العالمي على ضغوط الجهات المختصة حول هذا الأمر قال إنه لن يوزّعَ هذه المواد وسيتولى إتلافها.. وهنا نسأل: هل تكمن المشكلة في عملية الإتلاف نفسها أم أن هذا استهتارٌ بأرواح الناس؟ وهل يحق إتلاف مساعدات كان في انتظارها آلافُ البسطاء؟
هذه المساعداتُ ليس ملكَ المنظمات، بل هي ملكُ الشعب اليمني، بحيث أنه تم حشد المتبرعين لدعم الشعب اليمني، فعندما نتحدث عن برنامج الغذاء العالمي مهمته فقط إدارة هذه المساعدات وهو يأخذُ حقه وزيادة من هذه المساعدات، وبالتالي التهديد بسحبها أَو تعليق المساعدات ليس منطقياً، فهي ليست ملكاً له، هذه خطوة خطيرة.
لماذا سيتم إتلافها؟ ولماذا تم شراؤها من الأساس إذَا كانت تالفة؟! وهل تم شراؤها لكي تتلف؟؟!! ولماذا تتلف في اليمن؟؟!! لكي يتم احتسابها على الشعب اليمني كمساعدات!!
كيف تم السماح لها بالدخول ولماذا التمنُّن على الشعب اليمني والتهديد بسحبها، فلا يحق لبرنامج الغذاء العالمي، هذه الأموال خاصة بالشعب اليمني وملكٌ له.

– أُستاذ أحمد.. تعرَّضت مخازن مؤسّسة بُنيان للقصف من قبل تحالف العدوان وهي مخصّصة للإغاثة، بينما يتم إحراق مخازن برنامج الغذاء بشكل مشبوه.. هل يُعقل بأن يحدُثَ ذلك بشكل عفوي؟
نحن نؤمن بأننا تحت عدوان غاشم، وبالتالي لا نتوقع أن يُحترمَ العملُ الإغاثي، فدول العدوان استهدفت الإنسانَ نفسَه بشكل مباشر وقصفت المرافقَ الخدمية كالمستشفيات والأسواق، ويقتلون الإنسان بحصاره، وعليه فإن عملنا الإغاثي يحول بين العدوان وأهدافه، ومن هنا نؤكّـــد أننا سنواصل عملنا الإغاثي.

– هل ستتمكّن المنظماتُ المحلية من سد الفجوة على صعيد الأعمال الإنسانية؟
إذا حصل توفيرٌ فبتأكيد سنتمكّنُ من ذلك، وهناك موضوع مهمٌّ جداً وهو شكل المساعدات التي تأتي من خلال التعاون المجتمعي من خلال التكافل الاجتماعي عبر الجيران والأقارب، فهذا يعتبر الأساس الفاعل خلال هذه الفترة في عمليات الإغاثة، إذ ربما تفوقُ هذه المساعدات ما تقدمه المنظمات الدولية، مؤسّسة بُنيان إذَا ما توفرت الإمكانيات فسنتمكّن من سد هذه الفجوات وبأقل التكاليف ونحن واثقون من قدراتنا وبالتعاون مع بقية المنظمات الوطنية اليمنية على كامل التراب اليمني وضمان الوصول إلى المساعدات إلى داخل البلاد.

– عندما يتكرّر على مسامعنا الكشفُ عن مساعدات تالفة بالنسبة للمنظمات الدولية سواء برنامج الغذاء أَو بعض الشركاء يتبادر سؤال مهم في أذهاننا هل سبق وأُتلفت لديكم مواد غذائية كما هو الحال عند برنامج الغذاء العالمي سيما أن إمكاناته أكبر بكثير من قدراتكم؟
الحمدُ لله لم تُتلف لدينا أية مواد غذائية حتى الآن، بل يتم توزيعُ المساعدات على أرقى مستوى، ويوجد خط عمليات ولم نتلقى أيةَ شكوى من المواطنين ولا في المخازن فلدينا مختصون في التغذية مهمتُهم التأكّـــدُ من سلامة وفترة صلاحية المواد بشكل دوري ومنتظم قبل أن يتم توزيعُها، ومخازننا لا تختلف عن مخازن بقية المنظمات بل مخازن المنظمات الدولية أكثر تجهيزاً، وعليه ليس الخلل متعلقاً بآلية التخزين أَو في نوعية المخازن.

– في إحدى التبريرات التي صدرت عن برنامج الغذاء العالمي أرجع أسباب تلف المواد الغذائية إلى عراقيل الأجهزة الأمنية.. كيف تتعاطى الأجهزة الأمنية مع القائمين بالعمل الإغاثي؟ وما مدى مصداقية ذلك؟
بالنسبة لنا لم نلمس أيَّ شيء من هذا الكلام، بل بالعكس نحن نلتزم فقط بالتصاريح وبعدها الأمور تمضي بسلاسة كبيرة بل يقومون بمساعدتنا وتسهيل وصول المساعدات ونشكرهم على جهودهم في ذلك، وأعتقد جازماً بأن الجانب الأمني يعلم بأن عمليات الإغاثة تسهّل من عملهم ولا مصلحة للأجهزة هذه في عرقلة المواد الغذائية عن الوصول للمستفيد عوضاً عن تلفها، وَالقول بأن الأجهزة الأمنية تتحمل أسبابَ تلف هذه المواد غير منطقي وكلام مضحك؛ لأَنَّ هناك جدولَ مخاطر في الدراسات التي تقدم للتدخل الإنساني تتوقع بعض العراقيل التي قد تحدث وحتى وإن سلمنا بأن هناك عراقيلَ أخّرت هذه المواد فهل يُعقل أن تتلف خلال أسبوع أَو أسبوعين أَو حتى شهر إلّا إذَا كانت تالفة قبل أن تدخل اليمن أَو أن عمر هذه المواد الافتراضي قد أوشك على الانتهاء ومع ذلك تظل هذه التبريرات محل سخرية؛ لأَنَّها تتنافى مع العقل والمنطق.

– باعتبار أن عملكم الإغاثي يشابه كثيرا دورَ برنامج الغذاء العالمي، حيث يتحدث عن فساد الجهات المعنية هنا.. هل هذا مبرّر كافٍ لإقدام برنامج الغذاء على التعليق الجزئي لعملياته؟
أولاً لا يحقُّ لبرنامج الغذاء العالمي تعليق عمله الإغاثي والإنساني تحت حُجة الفساد، هي كارثة بحد ذاتها، برنامج الغذاء العالمي له تأريخ طويل في العمل الإنساني، فإذا كانت هناك مؤسّسات تقوم بعملها الإغاثي رغم أن عمرها قصير جداً مثل مؤسّسة بُنيان لم نجد هذه العوائق ولم نشهد فساداً.
لكن يبقى السؤال: لماذا لم يتكلم برنامج الغذاء العالمي عن الفساد إلّا الآن بعد هده السنوات؟ لماذا لم يتخذ هذه الإجراءات منذ البداية؟ فمجرد السكوت أَو التغاضي عن الفساد إن وُجد يدين برنامج الغذاء العالمي. وكان يفترض على برنامج الغذاء العالمي أن يقدم شكاوى للجهات المعنية والسلطات وقبل أن يتخذ الخطوات هذه، وعليهم أن يردوا على هذه الأسئلة.

– برنامج الغذاء العالمي كان له بعضُ الشروط لاستمرار عمله منها أخذ البيانات لكل المستفيدين حتى أنه طالب بأخذ بصمات اليد والعين لكل الأسرة المستفيدة للحد من الاختلالات.. ما علاقة هذه الشروط بالعمل الإغاثي؟ وهل تحتاجونه أثناء العمل الإغاثي؟
نحن نرى في ذلك امتهاناً للمواطن اليمني بشكل كبير في إعطائه حقه، ليست منَّةً من برنامج الغذاء العالمي، فبينما تصدع رؤوسَنا المنظماتُ الدولية عن حقوق الإنسان والحفاظ على كرامة الإنسان إلا أن شروطها هذه لا تنطبق مع هذه الشعارات، وهي أول من اخترقت هذه الشعارات وداست عليها، هناك مساعدات ولكن طلب هذه المعلومات يثير الشكوك بحيث أنه لا حاجة لأخذ بصمة يد أَو بصمة العين في العمل الإغاثي إلّا أنها تسعى لأخذ معلومات لجهات أُخْـــرَى، فنحن كمؤسّسة وطنية لا يسمح لنا بأخذ هذه المعلومات ونحن مؤسّسة وطنية، حتى الأجهزة الأمنية ليس لديها هذه البيانات، فلا نستطع أن نعذرهم.
الاحتياجُ حدّدته المنظماتُ الدولية بالملايين على أي أساس تم تحديد الاحتياج؟! ألم يكن بناء على دراسات أم الأمر كان خلافاً لذلك أَو كيف تم تحديد الاحتياج؟ أما إذَا كان يراد من هذه الشروط التأكّـــد من وصول المساعدات فلماذا لا يتم تحويل المساعدات على شكل نقدي عبر مصارفَ محدّدة ويتم استلامُها عبر بطائق إلكترونية هذا في حال انحصار الفساد في بعض المناطق ويتم الاستمرارُ في المناطق التي لا يوجد بها فساد بحسب تصريحاتهم هم، أما إذَا كان الفساد في كُــــلّ المناطق في الجمهورية فهذا غير معقول وعليه يجب عليهم مراجعة حساباتهم فهناك خللٌ كبيرٌ يتحملون جزءاً كبيراً فيه؛ لأَنَّ مهمَّتَهم إيصالُ المساعدات للمستفيدين.