Categories
المشاريع مبادرات مقالات

مشروع مياه العامرية والدحلي بالمراوعة.. معاناة تتحول إلى قصة نجاح

كلفة المحروقات العالية أحبطت استمرارية المشروع ويجري التحشيد لدى المجتمع والمحسنين والسلطات لتزويده بمنظومة طاقة شمسية

الثورة /يحيى الربيعي
مشروع مياه العامرية والدحلي، صمم لخدمة ثلاث عزل هي العامرية والدحلي وبني صلاح بمديرية المراوعة محافظة الحديدة، ولكن نظرا لظروف خاصة بالمنطقة، فقد اكتفي بتسخير المشروع لعزلتي العامرية والدحلي.
وبحسب منسق بيت المبادرات بالمراوعة محمود عريج، وإن المشروع نفذ في 2018م، على نفقة الصندوق الاجتماعي للتنمية والسلطة المحلية، وتشغيل المجتمع والمجلس المحلي، وجمعية العامرية والدحلي (فأسقيناكموه)، وبكلفة قدرت حينها بحوالي مليار ريال.
وأضاف عريج أن المشروع تم تشغيله في البداية كتجربة، بعدها توقف فجأة بسبب انعدام مادة الديزل اللازمة للتشغيل.
وقال: لم يتم عمل أي لائحة مالية لحشد التمويل عبر الاشتراكات وقيمة الاستهلاك، لأن المشروع- في الأصل- لم يكتب له النجاح منذ تشغيله، حيث توقف بمجرد أن انعدمت مادة الديزل، وما أعقبه من سوء الإدارة وغياب الوعي المجتمعي في الحفاظ على المشاريع، فقد توقف المشروع إلى أن غمرته مياه سيول الوادي وتقطعت الشبكة الخاصة به نظرا للتهالك وعدم الصيانة.

معاناة ومساهمات
وبتعبير بسيط جاء على لسان المواطنة ليلى أحمد نمير « المشروع مثل فرحة كبيرة للجميع، لكن، للأسف، ظل مجرد حدائد مركزة، لا فائدة منها، لم تضخ ماء منذ أن تم تركيبها في شبكة عدى أن فاصلاً حصل في الماسورة في الأرض حقي، وجاء ماء مطر ودخل في القصبة، وضخت.. وقالوا ذا المشروع، و»هي» بالتعبير المحلي؛ ماتت إلى أن صلحوا القصبة في هذه الأيام».
ليلى نمير هي إحدى مواطنات المنطقة، وأحد المساهمين الفاعلين في تفعيل الجهود المجتمعية نحو المساهمة في إعادة تشغيل المشروع، أوضحت خلفية المشروع بالقول:
«الناس في عزلتي العامرية والدحلي بغير ماء، لولا أن سخر الله لهم صاحب المزرعة عمل بركة سبيل كي يسايب الناس منها حاجتهم من المياه، ومن لديه سعة يحضر له وايت على حسابه، الناس غير الميسورين كثر، وهم ما يعانون الأمرين في جلب حاجتهم من الماء، بعض النساء لديهن حمير وأبناء يقدرون على جلب الماء، والبعض لا يسعهن إلا أن يقمن بحمل الماء على رؤوسهن».
وتضيف: «المجتمع من أول وهلة للمشروع، وهو يضخ مساهمات على أمل تشغيله»، منوهة: «عن نفسي دفعت 5000-1000-2000-500، وما طلبوا سارعنا بدفعه، والمشروع- محلك سر- ولا حركة، حتى دفع الوادي فطمره، وخربت المضخة والمواطير والغطاسة أيضا خربت».
وأشارت: «الأمل الآن في جهود بيت المبادرة، وجمعية اكتفاء الذين تبنوا المشروع من جديد، وإن شاء الله تثمر جهودهم إلى خير، فقد قاموا مشكورين بتوفير متطلبات إعادة صيانته وتشغيل الماطور والغطاس، والحمدلله ضخ، وهناك بوادر أمل كبيرة في إنهاء المعاناة عن كاهل المواطنين المعسرين وهم كثر، وأخص بالذكر معاناة النساء».

خطة مرحلية
ويعود عريج إلى القول: «تم حصر مكونات المشروع وتمديداته، وحصر عدد المستفيدين، ثم تحديد المشكلة التي أدت إلى توقف المشروع طوال هذه الفترة، ثم وضعت دراسة فنية لإعادة التشغيل بالإمكانات الموجودة، وأخرى بمنظومة شمسية في إطار قيمة حجم التدخلات المتاحة والممكنة في إطار المشاركة المجتمعية، إضافة إلى دراسة سلسلة القيمة وتحليل الوضع الراهن في العزلتين للتعرف على نقاط القوة والضعف، وتحديد التدخل بأنشطة بدأت بتوعية المجتمع بأهمية المشاركة المجتمعية في صناعة التنمية المستدامة القائمة على هدى الله».
ويضيف: «تم تدريب عدد 12 فارسا تنمويا لهذا الغرض، وتم تحفيز المواطنين على إعادة تبني تأهيل المشروع بجهود وإمكانات مجتمعية عبر مبادرة «وتعاونوا»، وعقب التنسيقات والاجتماعات نجحت الخطة التوعوية في تحشيد المجتمع، وتم وضع خطة مرحلية بدأت بإعادة تشغيل المولد وتأهيل البئر عبر تجهيز متطلباتهما بمشاركة فنية من مؤسسة بنيان التنموية بالدعم الفني، وتوفير المهندسين، وتبنت جمعية اكتفاء التعاونية النفقات وتوفير قطع الغيار، وتبني المجتمع نفقات إعادة تأهيل التمديدات بإجمالي وقدره حوالي 2 مليون ريال».

6 آلاف أسرة
من جانبه أوضح مدير المشروع حسن جبري أن المشروع بدأ في الضخ لفترة قليلة، ثم فجأة توقف بسبب عدم توفر المحروقات إلى أن جاء السيل وأجهز عليه بطمره، ودخلت المياه في إلى جوف مكينة ماطور المضخة.. ولأن المشروع بدون إمكانيات تمكننا من صيانته، فقد توقف.
واستدرك: «وفي هذه الفترة بادر بيت المبادرة في المراوعة ومعه الجمعية وتحملوا تكاليف الصيانة، كذلك والمواطنون ساهموا بجهودهم وتوفير مادة الديزل، وتم تشغيل المضخة وضخ الماء لتجربة سلامة الشبكة، وتم معرفة الخلل وإصلاحه بمساهمة المجتمع، ولم يتبق أمامنا سوى القليل من الشبكة جاري العمل على مد شبكة بالحشد له من المجتمع».
وأفاد أن إجمالي ما تم إصلاحه من الشبكة وصيانة الماطور تفوق 450 ألف ريال (حتى تلك اللحظة قابلناه فيها)، طبعا تم إيقاف المشروع الآن لذات السبب الذي توقف به في المرة الأولى، وهو أزمة انعدام الديزل.. واعتقد أن ضمانة استمرارية المشروع في الضخ تتطلب توفير منظومة طاقة شمسية. المشروع تستفيد منه 21 قرية من عزلة العامرية والدحلي ما يقارب 6 آلاف أسرة.
ولفت إلى أن عمق البئر يصل إلى 250 متراً، تضخ مياهاً نظيفة صالحة للشرب والاستخدامات الأخرى، والبئر منسوب المياه فيه كافية لتشغيل مشاريع مزارع إنتاجية كونه يقع في حوض مائي.
وعن فكرة إعادة تشغيل المشروع أكد العاقل أن بيت المبادرات في المراوعة بادر إلى دعوة عقال وأعيان المنطقة وفرسانها إلى ورشة لتحديد المشكلات، ومن ثم البدء في عملية التحشيد المجتمعي للتغلب عليها، وانطلقنا من المبادرة نحو تفعيل المشروع.

المشروع حيوي
من جهته قال عمر سالم سعيد الدحلي، من أبناء المنطقة: «المشروع حيوي وسيخدم الآلاف من الأسر التي تعيش الأمرين جراء انعدام الماء، وبعد الآبار عن القرى، يضطر الناس إلى المشي على الأقدام لمسافات طويلة، وهناك حيث الآبار تحدث تجمعات كبيرة وتظل أحيانا إلى أوقات متأخرة من الليل، بالإضافة إلى ما قد تحتاجه الأسر من اللاحق بالطعام للأولاد والأعلاف للحمير.. تجاوب الكثير من المواطنين وفاعلي الخير من أجل إعادة تشغيل المشروع لرفع المعاناة عن المواطنين، لكن تبقى المشكلة الأكبر حساسية وهي انعدام مادة الديزل، المشروع الآن واقف بسبب انعدام الديزل».

خطوات التأهيل
أما العاقل فيصل سليمان عبدالله حسن، فقد أشار إلى أن الفضل في تحريك المشروع يعود، بعد الله، إلى جهود فرسان التنمية الذين عملوا على إحياء «مشروع ميت في نفوسنا منذ ولادته».
وأكد «الآن المشروع جاهز يضخ مياهاً، لكن يظل العائق هو ذاته الذي وقف بسببه في المرة السابقة ويتمثل في انعدام مادة الديزل؛ الدبة عبوة 20 لترا بـ 25-30 ألف ريال، وتشغيل حركة يوم يحتاج لأكثر من 5-6 دبات لعدد 2 مواطير، لأن الماطور الواحد يحمي بدبة، هذا يحتاج إلى قوة مالية تنهض به، لأن المواطن- حاليا- لا يزال فاقد الثقة في أن المشروع يمكن أن يشتغل من أصله، حيث حصل أنه تم جمع تبرعات لإعادة تشغيله لأكثر من فوق 3 مرات، ولا شيء تم من ذلك».
ولفت «نحاول الآن البحث عن تمويل لتشغيل المشروع لفترة يضخ فيها المياه إلى البيوت كي نكسب أولا ثقة المواطن بالخطوة التي قمنا، ومن ثم- إن شاء الله- نفتح باب المساهمة ونفرض الاشتراكات وقيمة الاستهلاك ناهيك عن أنه لا يزال هناك بعض الأعطال بحكم أن الشبكة متهالكة بسب تركها لفترة بدون تشغيل».
وأضاف: «لا نملك الجرأة في هذه الأثناء في أن ندعو المواطنين إلى أي فزعة مالية.. المواطنون يبادرون من ذوات أنفسهم بجهودهم بمعداتهم من مفارس وكمبريشنات من لوازم إصلاح أو مد الشبكة. تخيل والناس يدفعون من عام 1997م، والشوط الثاني من 2009م، والمشروع راقد.. وهذا أصبح أكبر عائق ما بيننا وبين المجتمع.. وهذا ما أجبرنا على أن نقوم نحن وبالتعاون وجمعية اكتفاء وما يحشده فرسان التنمية من تمويل من التجار والمحسنين كامل كمرحلة أولى.»
واختتم: «التشغيل، الحمد لله اشتغل.. المتبقي هو استكمال شبكة التوصيل إلى البيوت، ونحتاج بالضرورة للتحشيد من أجل الحصول على منظومة شمسية، لأن بقاء المشروع على مادة الديزل قد يعرضه للتوقف مرة أخرى لضخامة الكلفة المطلوبة للتشغيل، والمواطن معسر، كم ستفرض عليه اشتراك وقيمة استهلاك؟ بعضهم ما يقدر يدفع مائة ريال.»