Categories
المشاريع

سنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع

سنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع

لا شك أن المعايير في تقييم الاوطان الفاضلة وشعوبها، قد تختلف من شخص لآخر، لكني لا أعتقد أن هناك أي خلاف على أن أكثر الشعوب والدول حظوظا وانفراداً هي تلك المحصنة بالاكتفاء الذاتي
ولعل المتابع للتاريخ السياسي والاقتصادي للمجتمعات القديمة والمعاصرة، يجد أن للاكتفاء الذاتي أبرز الاثر والتأثير في استمداد نضال كثير من الشعوب وكفاحها للبقاء بأنفة وإباء، لاسيما المعرضة للأزمات والحروب وغيرها من الكوارث البشرية والطبيعية
ولذلك كان من بالغ الأهمية العناية بهذا المقصد الاستراتيجي، وهو ما التمسناه في الآونة الاخيرة، من نضوج الوعي العام وتضاعف الاهتمام بالاكتفاء الذاتي، عبر نماذج مشرفة من المؤسسات والمبادرات التنموية، بينها مؤسسة محمد بن ابي بكر وجمعية الإرتقاء ومبادرة خيرات
وفضلاً عن ذلك، تسعى مؤسسة بنيان التنموية التي تعد باكورة العمل المجتمعي المحفز للاكتفاء الذاتي، لاسيما عبر تمويل وتنفيذ الدورات والورشات التدريبية المساهمة في تشغيل الأيدي العاملة المحلية والاستفادة من الطاقات والخبرات الوطنية
ولا يخفى على الجميع الثراء الذي يمتلكه المجتمع اليمني من حيث وفرة الأيدي العاملة والموارد البشرية المؤهلة والقادرة على الانجاز الابتكاري والابداعي، رغم عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وهو ما يجعل من البيئة اليمنية من أهم مقومات نجاح الاكتفاء الذاتي، مقارنة بعديد الدول والشعوب المتواكلة على الخارج نتيجة للرخاء الاقتصادي المفرط
ولذلك لابد من استغلال الاوضاع المعيشية الصعبة والحصار الجائر وتسخيرها في خلق مجتمع يلبس مما يصنع ويأكل مما يزرع.. ذلك أنه لن يكون بمقدورنا الاعتماد على الذات والمشاركة في رفد السوق اليمنية بالمنتجات المحلية وتدعيم الاقتصاد الوطني، عند الرخاء الاقتصادي والتحسين المعيشي، لأن الحاجة أم الاختراع
وليس هذا فحسب، بل ففي اعتمادنا الذاتي واكتفائنا من استجلاب احتياجاتنا الأساسية والكمالية من الخارج، تدعيم للسيادة الوطنية وحرية اتخاذ القرارات السيادية، إضافة الى توفير الأمن الغذائي للسكان، وتحصينهم من الأزمات والمجاعات
وعلاوة على ذلك فهو أفضل دواء لارتفاع أسعار الدولار، فبالصناعة نعمل على إحلال الواردات، وتوسيع دائرة النشاط الصناعي وتعليم الشعوب والمجتمعات كيفية اصطياد سمكة عيشهم، وتحاشي الوقوع في صنارة المنقصة المعيبة، سواء عبر استجلابها بباهض الأثمان والارتهان للخارج، أو بمعونات المنظمات الدولية المحفزة لاستكانة المواطنين
اذاً يتحتم علينا تحويل بوصلتنا باتجاه القطاعات الأكثر ضمانة، والأكثر دعماً لمسيرة التنمية المستدامة، وهي قطاع الصناعة والتصنيع، وتدشين الحملات المشجعة للإنتاج المحلي ولفت إنتباه المستهلكين الى جودة الصناعات الوطنية التي تعد العمود الفقري للاقتصاد المحلي
ففي التوجه السياسي والاجتماعي إلى الإعتماد على توطين الصناعة المحلية واستنهاض القوة الداخلية والاستفادة من التجربة الخارجية، فوائد جمة لتحويل الوطن لدولة صناعية قادرة على تصدير المنتجات باسم “صنع في اليمن ” .

 

كتبت سمية الصريمي