Categories
مقالات

إدارة موارد الدولة وأثرها على الاقتصاد الوطني

بنيان – مقالات

🖋️رأي الله الزبيدي

خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية محطمة تماما.. بنية تحتية مدمرة.. اقتصاد صفري.. مؤسسات بائدة.. وشعب منهك وجائع!! سنوات قليلة وكانت المفاجأة التي غيرت كل شئ.. ملامح قوة اقتصادية مرعبة قادمة من شرق آسيا تلوح في الأفق.. حيث استطاع اليابانيون تغيير المعادلة بأعجوبة.. وأصبحت اليابان من أهم وأكبر اقتصادات العالم.. وإحدى الدول الصناعية الثمان الكبرى.

رغم محدودية الموارد والثروات ورغم أن تداعيات الحرب كانت ماتزال تؤرق اليابانيين إلا أن اليابان جاهدت وكابدت وتفوقت على نفسها.. مثبتة علو كعبها بعد أن خاضت حربا اقتصادية لا تقل ضراوة عن الحروب العادية.. ونجحت عن طريق الإدارة الاقتصادية الحكيمة لموارد الدولة أن تغير الموازين وبأقل الإمكانيات.


هكذا وعلى مر التاريخ، كان الاقتصاد هو مفتاح نهضة الشعوب وتقدمها وازدهارها، حيث أن الإدارة الناجحة لموارد الدولة توفر موارد إضافية لاستثمارها في جوانب أخرى، مثل تحسين التعليم وخدمات الصحة وبناء جيش قوي وامتلاك بحث علمي حقيقي، ودواليك ببقية مؤسسات الدولة.

في المقابل، فإن الإدارة غير الحكيمة والتدهور المستمر لموارد الدولة، عادة ما يكون سببا في انحدار الحضارات وانهيار الأمم وتفشي الفقر والمرض والفساد ومعاناة الشعوب، والتاريخ كان شاهدا على حالات كهذه منذ زمن الإغريق مرورا بإمبراطوريات العصور الوسطى ووصولا إلى عصرنا الحالي.

في بلد مثل اليمن فإن أغلب مقومات النهوض بالاقتصاد الوطني متاحة ومتوفرة في انتظار الإدارة الحكيمة التي تتولى استغلال الموارد وإدارتها ووضعها في مكانها الصحيح ومعرفة المناطق التي تحتاج لمزيد من الموارد والمناطق التي لديها فائضا منها، وهذا لن يتم ألا بكفاءات اقتصادية وخبراء قادرون على تحليل نقاط القوة والضعف ووضع الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية وتقييم وضع الدولة الاقتصادي والمالي وتقديم المعالجات والحلول المناسبة لها.

نعم اليمن ليست اليابان والظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية تختلف كثيراً.. ونحن في ظل عدوان وحصار.. لكن ذلك ليس مبررا.. ونستطيع رغم كل شئ قلب المعادلة وتغيير الواقع والنهوض بعجلة التنمية وتوقع التحديات والعراقيل التي قد تعترض مسار النهوض ومواجهتها والتغلب عليها.


كيف لا واليمن يمتلك ثروات طبيعية تتمناها أغنى دول العالم.. وموقع إستراتيجي يحسد عليه.. أضف إليه رأس المال البشري والحيواني والثروة الزراعية والسمكية وغيرها، كل هذه الثروات تمثل مواردا هائلة للدولة تساعدها في رفع المستوى الاقتصادي المعيشي للشعب وتخفيف نسبة الفقر والبطالة، كما ستضاعف أداء مؤسسات الدولة والخدمات العامة.

لكن بشرط استغلال تلك الموارد بالشكل المطلوب.. وهذا مرهون بالإدارة.. نريد إدارة حقيقية وناجحة لموارد الدولة، إدارة لا تقبل التسويف والتنظير ولا تتحجج بالظروف، بل تبدأ بوضع استراتيجية عمل مزمنة تتضمن الخطوات المزمع تنفيذها بما يتماشى مع مضامين الرؤية الوطنية ذات الصلة بالاقتصاد الوطني، وسرعان ما سيلمس الجميع فوائدها وانعكاساتها على المستوى الاقتصادي والمعيشي ابتداء، ثم قطاع الإنتاج والصناعة الوطنية وتشجيع المنتج المحلي وصولا للاكتفاء الذاتي، فلا شئ مستحيل ولنا في دولة اليابان أكبر عبرة.