Categories
مقالات

بجهود8500 فارس تنموي: توعية 720 ألف مستفيد ببرنامج المشاركة المجتمعية في التنمية خلال العام 2021م

[vc_row][vc_column][vc_column_text]

التأهيل والتدريب مثل حجر الزاوية في صنع جيل قادر على العطاء والإنجاز

السياسات الثورية انطلقت من قاعدة تنموية عنوانها الأبرز توسيع خيارات الإنسان كأبرز تحدٍ في الوقت الراهن

إن ما واجهته مسيرة التنمية في اليمن، والتي اطلقها الشهيد الرئيس صالح الصماد «يد تبني ويد تحمي»- في ظروف عصيبة تمر بها اليمن من عدوان غاشم وحصار جائر، وإرث ما سبق ذلك من غوص للحكومات السابقة لثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، في أجندات العولمة الاقتصادية التي انتزعت من المجتمع الكثير من خصائصه الإنتاجية- هي تحديات كبيرة تمثلت في ضرورة قيام أمة موحدة يحكمها الشعور بالمصير الواحد المشترك قوية الثقة بالله وفخورة بهويتها الإيمانية، ومن ثم بناء مجتمع ناضج بفعالية تسوده الأخلاق والقيم والاحترام المتبادل والغاية الواحدة في تطوير بلده، ويتربع على معرفة أكيدة بما تختزله هذه البلدة الطيبة من مقدرات ومقومات النهوض التنموي والحضاري.. مجتمع غير مستهلك فقط للتقنية بل منتج وقادر على الابتكار والإبداع والتصنيع في كافة المجالات.. مجتمع يهتم بالآخرين ويعترف بدورهم في مجتمعه لإنتاج مجتمع تسوده العدالة الاقتصادية والاجتماعية وتسوده روح الشراكة.

الثورة / يحيى الربيعي

 

ولا يفوتنا الإشارة إلى مسألة حماية البيئة والحفاظ عليها ومنع ما يهددها من عوامل التلوث، وتحقيق التنمية الشاملة المتوازنة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والثقافية من أجل انتشال المجتمع من الفقر والجهل ومحدودية الدخل وقلة فرص العمل والإنتاج إلى مجمع زراعي صناعي ينعم أفراده بموارد مالية جيدة واستثمارات ومشاريع ضخمة وفرص عمل كبيرة.
وهذا ما أكد صراحة أن الاستمرار في تبني مشروع مفهوم التنمية بما ارتبط في أذهان البعض بأنها كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية، هو مشروع قاصر عهدت إليه الحكومات الاتكالية السابقة التي لا ترد لشعبها الخير ولم تأبه أن تضعه تحت الوصاية وأن تجعل منه شعبا مستهلكا لما يأتيه من الخارج وإن بشروط مجحفة تنازلت معها عن السيادة والكرامة.

الخيار الحر
في المقابل، يـأتي الخيار الحر في تبني مفهوم التنمية بمعناها الحقيقي في أن الإنسان هو صانع التنمية وهدفها.
ولما كان الإنسان هو الثروة الحقيقية لأي أمة، وأن قدرات أي أمة تكمن فيما تمتلكه من طاقات بشرية مؤهلة ومدربة وقادرة على التكيف والتعامل مع أي جديد بكفاءة وفاعلية، وبالنظر إلى تجارب دول جنوب شرق آسيا التي تبنت بفعالية وكفاءة هذا التصور التنموي، حين عملت على تجميع رأس المال البشري وتحويله إلى طاقة وميزة تنافسية عالية تم توجيهها إلى استثمارات عالية الإنتاجية، فهذه الدول أدركت منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أن سر نهضتها ونموها يكمن في عقول أبنائها وسواعدهم.

تجارب شاهدة
فكان من نتائج ذلك أن حققت اقتصاديات هذه البلدان معدلات متسارعة من النمو فاقت بها أكثر البلدان تقدما حتى أطلق عليها النمور الآسيوية، وأصبحت مثلا يحتذى به لكل من أراد أن يلحق بركب التقدم. وحتى عندما تعرضت هذه البلدان لأزمة مالية كبيرة سنة 1997م، استطاعت أن تسترد عافيتها بسرعة فاقت التوقعات، وهو ما أرجعه الخبراء إلى الثروة البشرية التي تمتلكها تلك البلدان، وما تتمتع به من جودة وكفاءة عالية.
وبما أن الإنسان هو الأساس في عملية التحديث، فإن عملية التأهيل والتدريب هي حجر الزاوية في عملية استثمار طاقات أبناء البلدان السائرة في طريق التحديث لصنع جيل قادر على العطاء والإنجاز والنهوض بالواقع المتردي وتوفير السبل الكافية لإحداث ذلك النهوض وهو ما حرصت ماليزيا على تبنيه.
ويمكن أن نعرف التحديث النهضوي بأنه “مختلف العمليات والتدابير للانتقال بنظام معين من الواقع التقليدي عاجز إلى نظام آخر جديد مقتدر…”، وتبعا لذلك، فإن مفهوم التحديث يختلف جذريا، عن مفهوم الإصلاح، إذ أن الأول يتخذ شكل التغييرات الجذرية، ولا يعتمد مطلقا على خطوات إصلاحية قد تنجح وقد تفشل.
إن ماليزيا عندما راهنت على البشر، جسدت على أرض الواقع الحكمة الصينية التي تقول: “إذا أردت مشروعاً تحصده بعد عام فازرع قمحاً، وإذا أردت الحصاد بعد عشرة أعوام فاغرس شجرة، وإذا أردت حصاد مائة عام فعّلم َشعباً، فالحبوب التي تزرعها مرة تحصدها مرة والشجرة التي تغرسها مرة تقطفها عشر مرات أما إذا علمت شعباً فستحصد مئة عام”.
نهضة ماليزيا، إذن، راهنت على العنصر البشري، واعتبرته غاية ومنطلق عملية التنمية والتحديث، انطلقت من واقع تحديث ووضع الخطط والبرامج الهادفة لتخريج كادر بشري، مؤهل لحمل مشعل النهضة، والمشاركة بفعالية في المجتمع المحلي، والمجتمع العالمي، فالسياسات الماليزية انطلقت من قاعدة تنموية عنوانها الأبرز توسيع خيارات الإنسان وأن الإنسان هو صانع التنمية وهدفها.

انطلاقة ومعوقات
ولما كان الهدف والمعيار من التنمية هو توسيع فرص ونطاق الاختيار تأسيسا على حق المعرفة والتعليم، بمعنى الزيادة في نطاق البدائل الفعالة المعروضة أمام الإنسان، وتهيئة الأسباب لسيطرة الإنسان على بيئته ومقدراته وقدراته لبناء حاضره ومستقبله من واقع الشعور بالمسؤولية الايجابية الحرة والانتماء الاجتماعي.
فقد كان الخيار الحر هو الإرادة التي انطلقت منه توجهات قيادة الثورة والمجلس السياسي في مواجهة معوقات الخيار التنموي في اليمن التي تلخصت في: سوء إدارة المياه وتدهور منشآت حصاد المياه، وانهيار منظومة العمليات الزراعية والحرفية المحلي، وضعف الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، وتفكك المجتمعات وضعف التكافل المجتمعي، زيارة معدل الوفيات بسبب الأوبئة والأمراض، تسرب الطلاب من المدارس، ارتفاع نسبة الأمية بين الكبار، انتشار البطالة، صعوبة نقل البشر والمنتجات بسبب انعدام أو وعورة الطرق.
إن الهدف هو الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في اليمن خاصة في ظل ما تمر به البلاد من ظروف العدوان والحصار.. لذا تطلب الأمر تعزيز قدرات المشاركة المجتمعية على تحقيق التنمية المستدامة، وهذا أمر يتطلب أفراداً مجتمعين ومؤهلين معرفياً.
وهنا بدت الحاجة ملحة إلى إكساب أبناء المجتمع المهارات والخبرات اللازمة لتحفيز وتمكين المجتمعات، وتعريفهم بوسائل المشاركة المجتمعية التي يجب إتباعها في إعداد الخطط التنموية الاستراتيجية من خلال برامج فرسان التنمية، ومن ثم الجمعيات التعاونية، وذلك بغاية تطوير القدرات الفنية للمجتمعات المحلية بما يمكنها من التوظيف الأمثل لمواردها الذاتية وصولاً الى تحقيق التنمية الشاملة.
وترجمةً لهذه الغاية، عملت مؤسسة بنيان التنموية وأكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل بإسناد من اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري وشركاء التنمية والسلطة المحلية على سد هذه الفجوة من خلال برامج التدريب والتأهيل التي استهدفت أبناء المجتمع في مختلف المحافظات الحرة بغرض إحداث ثورة مجتمعية لخلق تنمية مستدامة قائمة على هدى الله تعالى.
ومن خلال منهج تدريبي علمي ثري بالموجهات العلمية والعملية المؤهلة للمتدربين بقدرات رسم خطط الدفع بعجلة التنمية المحلية، وتعزيز الارتقاء إلى الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي بالمتاح من الفرص والامكانات، تأخذ بعين الاعتبار مجمل ما سبق الإشارة إليه من المعوقات وسبل التغلب عليها، وصولاً إلى خطط واقعية تعكس طموحات وآمال أبناء المجتمع، والوصول إلى الغاية في تحقيق تنمية مستدامة.

الخطوة الأولى
لقد عملت مؤسسة بنيان التنموية على تثقيف فرق عملها منذ البداية، بثقافة الإحسان والعطاء والجهاد، وبدأت تستقطب أفضل الفتية، من خلال أهم برامجها التنموية، وهو برنامج فرسان التنمية، الذي استهدف الشباب، على مستوى القرى والحارات، من كل اليمن، ليجعل منهم كوادر يحملون رؤية ثورية قوية، وقيم عظيمة، وممارسات رائعة، لخدمة المستضعفين، ولتقوية وإسناد المؤسسات الحكومية والمجتمعية، بانسجام وإخلاص ووفاء، وروح قيادية، تتعامل مع الآخرين، بوصفهم قادة للتغيير.

مؤشرات
وفيما يخص التوجه إلى إنشاء الجمعيات التعاونية والأهلية، تمكنت المؤسسة خلال هذا العام 2021م، من إنشاء وتفعيل وتمكين 32 جمعية ومؤسسة حكومية، تمكنت من خلالها، تنفيذ عدد من الأنشطة، أهمها الزراعة التعاقدية، التي شملت 888 مستفيداً، والقروض التي بلغت 8,533 قرضا، وما زال العمل جاريا، من أجل تفعيلها بشكل أكبر، بما يمكنها من استيعاب تمويلات أكبر، خاصة فيما يتعلق بالزراعة التعاقدية.
ومن حصاد تفعيل المجتمعات المحلية وتمكين أبنائها بالتعاون والشراكة مع السلطات المحلية وشركاء التنمية ضمن هدف الوصول إلى مجتمع متمكن، قادر على حشد طاقاته، واستثمار موارده، وإحداث تنمية مستدامة، قائمة على هدى الله يديرها فرسان تنمية تم تنظيمهم ضمن برنامج الجمعيات، نفذ المجتمع مبادرات في المجال الصحي والتعليمي، والطرق ومياه الشرب، ومشاريع اقتصادية؛ في الجوانب الزراعية والسمكية والصناعية عبر الزراعة والصناعة التعاقدية بلغت 2,751 مبادرة خلال العام 2021م ، أسهم فيها المجتمع بقرابة 12 مليار ريال، بالإضافة إلى تدريب 298 جمعية، منها 32 جمعية صارت فاعلة ويمكن العمل معها كشركاء تنفيذيين مع بداية العام 2022م.
المبادرات المجتمعية هي نتاج توعية كبيرة للمجتمع، في المدارس والمساجد والمجالس القروية، حيث بلغ من تم توعيتهم 719,589 مستفيدا، من خلال 8,413 فارسا تنمويا، تم تدربهم خلال هذا العام 2021م، عبر المؤسسة وأكاديمية بنيان، بتمويلات من مؤسسة بنيان، ومن اللجنة الزراعية والسمكية العليا، ووزارة الإدارة المحلية، ومن المجتمع والمكاتب الإشرافية.



القوة البشرية
رؤية وسياساتها ومنهجية العمل الطوعي الهادفة إلى تمكين المجتمعات وتفعيلها ساعدت على حشد طاقات بشرية كبيرة للحراك التنموي، وأعطت المجتمع فرصة لاختيار أفضل تلك الطاقات البشرية، كما ساعد ذلك على جعل مشاريع التنمية، تمتاز بالكفاءة والفاعلية، وسرعة التنفيذ والانتشار الكبير.
وعلى مسار توسيع رقعة الحراك التنموي وتعديد مجالاته تم نهاية الربع الأخير من هذا العام 2021م، تدريب فرسان تنمية متخصصين، حيث تم تدريب فرسان البحوث (مبادرة المتفكرون)، وفرسان الإرشاد الزراعي، القائم على المجتمع (مبادرة فذكر، ومبادرة ثورة الإرشاد الزراعي)، وفرسان التنمية الصناعية والإبداع، وفرسان أحفاد بلال، وفرسان ذوي الإعاقات (مبادرة فما وهنوا)، وفرسان الإعلام، ويتم التجهيز حالياً لتدريب فرسان القانون، ليتم الاستفادة من هذه الكوادر في إطلاق مبادرات تطوعية تنموية متخصصة، في مجالات ذات احتياج مجتمعي وحكومي.



[/vc_column_text][vc_column_text]

 




Categories
مقالات

إدارة موارد الدولة وأثرها على الاقتصاد الوطني

بنيان – مقالات

🖋️رأي الله الزبيدي

خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية محطمة تماما.. بنية تحتية مدمرة.. اقتصاد صفري.. مؤسسات بائدة.. وشعب منهك وجائع!! سنوات قليلة وكانت المفاجأة التي غيرت كل شئ.. ملامح قوة اقتصادية مرعبة قادمة من شرق آسيا تلوح في الأفق.. حيث استطاع اليابانيون تغيير المعادلة بأعجوبة.. وأصبحت اليابان من أهم وأكبر اقتصادات العالم.. وإحدى الدول الصناعية الثمان الكبرى.

رغم محدودية الموارد والثروات ورغم أن تداعيات الحرب كانت ماتزال تؤرق اليابانيين إلا أن اليابان جاهدت وكابدت وتفوقت على نفسها.. مثبتة علو كعبها بعد أن خاضت حربا اقتصادية لا تقل ضراوة عن الحروب العادية.. ونجحت عن طريق الإدارة الاقتصادية الحكيمة لموارد الدولة أن تغير الموازين وبأقل الإمكانيات.


هكذا وعلى مر التاريخ، كان الاقتصاد هو مفتاح نهضة الشعوب وتقدمها وازدهارها، حيث أن الإدارة الناجحة لموارد الدولة توفر موارد إضافية لاستثمارها في جوانب أخرى، مثل تحسين التعليم وخدمات الصحة وبناء جيش قوي وامتلاك بحث علمي حقيقي، ودواليك ببقية مؤسسات الدولة.

في المقابل، فإن الإدارة غير الحكيمة والتدهور المستمر لموارد الدولة، عادة ما يكون سببا في انحدار الحضارات وانهيار الأمم وتفشي الفقر والمرض والفساد ومعاناة الشعوب، والتاريخ كان شاهدا على حالات كهذه منذ زمن الإغريق مرورا بإمبراطوريات العصور الوسطى ووصولا إلى عصرنا الحالي.

في بلد مثل اليمن فإن أغلب مقومات النهوض بالاقتصاد الوطني متاحة ومتوفرة في انتظار الإدارة الحكيمة التي تتولى استغلال الموارد وإدارتها ووضعها في مكانها الصحيح ومعرفة المناطق التي تحتاج لمزيد من الموارد والمناطق التي لديها فائضا منها، وهذا لن يتم ألا بكفاءات اقتصادية وخبراء قادرون على تحليل نقاط القوة والضعف ووضع الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية وتقييم وضع الدولة الاقتصادي والمالي وتقديم المعالجات والحلول المناسبة لها.

نعم اليمن ليست اليابان والظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية تختلف كثيراً.. ونحن في ظل عدوان وحصار.. لكن ذلك ليس مبررا.. ونستطيع رغم كل شئ قلب المعادلة وتغيير الواقع والنهوض بعجلة التنمية وتوقع التحديات والعراقيل التي قد تعترض مسار النهوض ومواجهتها والتغلب عليها.


كيف لا واليمن يمتلك ثروات طبيعية تتمناها أغنى دول العالم.. وموقع إستراتيجي يحسد عليه.. أضف إليه رأس المال البشري والحيواني والثروة الزراعية والسمكية وغيرها، كل هذه الثروات تمثل مواردا هائلة للدولة تساعدها في رفع المستوى الاقتصادي المعيشي للشعب وتخفيف نسبة الفقر والبطالة، كما ستضاعف أداء مؤسسات الدولة والخدمات العامة.

لكن بشرط استغلال تلك الموارد بالشكل المطلوب.. وهذا مرهون بالإدارة.. نريد إدارة حقيقية وناجحة لموارد الدولة، إدارة لا تقبل التسويف والتنظير ولا تتحجج بالظروف، بل تبدأ بوضع استراتيجية عمل مزمنة تتضمن الخطوات المزمع تنفيذها بما يتماشى مع مضامين الرؤية الوطنية ذات الصلة بالاقتصاد الوطني، وسرعان ما سيلمس الجميع فوائدها وانعكاساتها على المستوى الاقتصادي والمعيشي ابتداء، ثم قطاع الإنتاج والصناعة الوطنية وتشجيع المنتج المحلي وصولا للاكتفاء الذاتي، فلا شئ مستحيل ولنا في دولة اليابان أكبر عبرة.



Categories
مقالات

البذور واستعباد البشرية

بنيان – مقالات

🖋️مها موسى

تتهافت الدول الكبرى عالميا للسيطرة على العالم والإستحواذ على مقدراته لتتمكن من التحكم بالبشرية واستعبادها بكافة الطرق وعبر كل ما من شأنه ان يحقق الأمن والاكتفاء لأي بلد ، ولا يذكر الأمن إلا ويذكر الغذاء الذي يعد مصدره الأول والأساسي الزراعة “البذور” ، لذا حيثما وجدت الزراعة والبذور الطبيعية نجد يد تلك الدول تمتد لتسيطر عليها ، وتستبدل بذورها الطبيعية بأخرى مهجنة “معدلة وراثيا” .
تنتج البذور المهجنة في 5 شركات عالمية هي ” شركتي مونسانتو ودبايونير في الولايات المتحدة الامريكية – شركة ليماغران في فرنسا – شركة سانجانتان في سويسرا – شركة بايير في المانيا ” حيث تعمل هذه الشركات على تهجين الحبوب اي “تعديلها وراثيا” بحيث تصبح غير قابلة لإعادة الزراعة ، ليس هذا فحسب بل ان كمية المحاصيل المنتجة من هذه البذور تكون منخفضة جدا ويقال ايضا ان محاصيلها تفتقد للجودة المطلوبة غذاء ومذاقا .
وبهذه النتيجة تتمكن هذه الشركات من احتكار البذور والتحكم بالزراعة والمحاصيل على مستوى العالم ، ويتحول الأمن الغذائي للدول الى مصدر تهديد له ابعاد خطيرة كالهند التي تعتبر اول مختبر للبذور المهجنة وذلك حين وقعت اتفافية تصحيح هيكلة في تسعينات القرن الماضي مع صندوق النقد الدولي مقابل ان تفتح حدودها للتجارة الدولية ، فسارعت شركة مونسانتو الامريكية لتغلغل في البلاد كالسرطان بسرعة فائقة فذرت الرماد على العيون ونشرت الوعود والأحلام الوردية بين المزارعين الهنود البسطاء وباعت لهم آخر اختراعاتها “بذور القطن المعدل وراثيا” ووعدتهم بأنهم سيحصلوا على مردودا غير مسبوق.
فاندفع الهنود لشرائها بمبالغ كبيرة اضطرتهم للاستدانة من البنوك وتحمل اعباء الفوائد ، لم يهتم المزارع الهندي لكل ذلك فهو غارق في عسل شركة مونسانتو ولم ينتبه بعد للسم القاتل المدسوس في العسل.
بدأ المزارعين الهنود بزراعة بذور القطن المهجن في اراضيهم منتظرين المحاصيل المتوقعة بحسب ما اخبرتهم الشركة بانهم سيحصلوا على” 400 الى 500 كيلو من القطن” وستتضاعف ارباحهم اكثر ، لكن ما حدث كان عكس المتوقع حيث لم تنبت اي بتلات قطن سوا واحدة او اثنتان فقط في كل مزرعة ، ما سبب صدمة كبيرة للمزارعين الهنود ، فهم بذلك خسروا زراعتهم الأصل وبذورهم ومحاصيلهم إضافة لقروض البنك وفوائده ، مصائب ادت الى انتحار ما يقارب 200 مزارع هندي .

هذا التوجه الممنهج من قبل الشركات الخمس للموت نحو الزراعة له عواقب وخيمة ، فالسيطرة على الغذاء يعني بيعه مقابل الامن والاستقلال والسيادة او ربما مقابل موارد الدولة الاخرى التي لا نستثني منها الموارد البشرية ، انها تؤسس لمستقبل لا وجود فيه الا للدول الاقوى عالميا ومعيار القوة هنا هو الغذاء.

لعل اليمن في وضعه الحالي تحت العدوان والحصار يعيش في بيئة غذائية افضل من غيره ولا تزال مزارع اليمن في امان طالما ويد هذه الشركات لم تطلها بعد ، لذا يجب ان تسعى الدولة والجهات المختصة والمستثمرين والمزارعين خاصة لبذل اقصى الجهود لزيادة نسبة الاراضي الزراعية وحماية البذور الطبيعية وتنويع المحاصيل بشكل اكبر للوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي غذائيا ، كما يمكن الاهتمام بالزراعة من خلال تطوير الامكانات والادوات الزراعية وتسهيل مهام المزارعين والمستثمرين في هذا الجانب وإعطاء المجال الغذائي أهمية قصوى لا تقل عن أهمية صناعة السلاح والصواريخ والطيران المسير ، فكلها حروب بأشكال مختلفة تحمل ذات البعد والخطر.

Categories
المشاريع مبادرات مقالات

مشروع مياه العامرية والدحلي بالمراوعة.. معاناة تتحول إلى قصة نجاح

كلفة المحروقات العالية أحبطت استمرارية المشروع ويجري التحشيد لدى المجتمع والمحسنين والسلطات لتزويده بمنظومة طاقة شمسية

الثورة /يحيى الربيعي
مشروع مياه العامرية والدحلي، صمم لخدمة ثلاث عزل هي العامرية والدحلي وبني صلاح بمديرية المراوعة محافظة الحديدة، ولكن نظرا لظروف خاصة بالمنطقة، فقد اكتفي بتسخير المشروع لعزلتي العامرية والدحلي.
وبحسب منسق بيت المبادرات بالمراوعة محمود عريج، وإن المشروع نفذ في 2018م، على نفقة الصندوق الاجتماعي للتنمية والسلطة المحلية، وتشغيل المجتمع والمجلس المحلي، وجمعية العامرية والدحلي (فأسقيناكموه)، وبكلفة قدرت حينها بحوالي مليار ريال.
وأضاف عريج أن المشروع تم تشغيله في البداية كتجربة، بعدها توقف فجأة بسبب انعدام مادة الديزل اللازمة للتشغيل.
وقال: لم يتم عمل أي لائحة مالية لحشد التمويل عبر الاشتراكات وقيمة الاستهلاك، لأن المشروع- في الأصل- لم يكتب له النجاح منذ تشغيله، حيث توقف بمجرد أن انعدمت مادة الديزل، وما أعقبه من سوء الإدارة وغياب الوعي المجتمعي في الحفاظ على المشاريع، فقد توقف المشروع إلى أن غمرته مياه سيول الوادي وتقطعت الشبكة الخاصة به نظرا للتهالك وعدم الصيانة.

معاناة ومساهمات
وبتعبير بسيط جاء على لسان المواطنة ليلى أحمد نمير « المشروع مثل فرحة كبيرة للجميع، لكن، للأسف، ظل مجرد حدائد مركزة، لا فائدة منها، لم تضخ ماء منذ أن تم تركيبها في شبكة عدى أن فاصلاً حصل في الماسورة في الأرض حقي، وجاء ماء مطر ودخل في القصبة، وضخت.. وقالوا ذا المشروع، و»هي» بالتعبير المحلي؛ ماتت إلى أن صلحوا القصبة في هذه الأيام».
ليلى نمير هي إحدى مواطنات المنطقة، وأحد المساهمين الفاعلين في تفعيل الجهود المجتمعية نحو المساهمة في إعادة تشغيل المشروع، أوضحت خلفية المشروع بالقول:
«الناس في عزلتي العامرية والدحلي بغير ماء، لولا أن سخر الله لهم صاحب المزرعة عمل بركة سبيل كي يسايب الناس منها حاجتهم من المياه، ومن لديه سعة يحضر له وايت على حسابه، الناس غير الميسورين كثر، وهم ما يعانون الأمرين في جلب حاجتهم من الماء، بعض النساء لديهن حمير وأبناء يقدرون على جلب الماء، والبعض لا يسعهن إلا أن يقمن بحمل الماء على رؤوسهن».
وتضيف: «المجتمع من أول وهلة للمشروع، وهو يضخ مساهمات على أمل تشغيله»، منوهة: «عن نفسي دفعت 5000-1000-2000-500، وما طلبوا سارعنا بدفعه، والمشروع- محلك سر- ولا حركة، حتى دفع الوادي فطمره، وخربت المضخة والمواطير والغطاسة أيضا خربت».
وأشارت: «الأمل الآن في جهود بيت المبادرة، وجمعية اكتفاء الذين تبنوا المشروع من جديد، وإن شاء الله تثمر جهودهم إلى خير، فقد قاموا مشكورين بتوفير متطلبات إعادة صيانته وتشغيل الماطور والغطاس، والحمدلله ضخ، وهناك بوادر أمل كبيرة في إنهاء المعاناة عن كاهل المواطنين المعسرين وهم كثر، وأخص بالذكر معاناة النساء».

خطة مرحلية
ويعود عريج إلى القول: «تم حصر مكونات المشروع وتمديداته، وحصر عدد المستفيدين، ثم تحديد المشكلة التي أدت إلى توقف المشروع طوال هذه الفترة، ثم وضعت دراسة فنية لإعادة التشغيل بالإمكانات الموجودة، وأخرى بمنظومة شمسية في إطار قيمة حجم التدخلات المتاحة والممكنة في إطار المشاركة المجتمعية، إضافة إلى دراسة سلسلة القيمة وتحليل الوضع الراهن في العزلتين للتعرف على نقاط القوة والضعف، وتحديد التدخل بأنشطة بدأت بتوعية المجتمع بأهمية المشاركة المجتمعية في صناعة التنمية المستدامة القائمة على هدى الله».
ويضيف: «تم تدريب عدد 12 فارسا تنمويا لهذا الغرض، وتم تحفيز المواطنين على إعادة تبني تأهيل المشروع بجهود وإمكانات مجتمعية عبر مبادرة «وتعاونوا»، وعقب التنسيقات والاجتماعات نجحت الخطة التوعوية في تحشيد المجتمع، وتم وضع خطة مرحلية بدأت بإعادة تشغيل المولد وتأهيل البئر عبر تجهيز متطلباتهما بمشاركة فنية من مؤسسة بنيان التنموية بالدعم الفني، وتوفير المهندسين، وتبنت جمعية اكتفاء التعاونية النفقات وتوفير قطع الغيار، وتبني المجتمع نفقات إعادة تأهيل التمديدات بإجمالي وقدره حوالي 2 مليون ريال».

6 آلاف أسرة
من جانبه أوضح مدير المشروع حسن جبري أن المشروع بدأ في الضخ لفترة قليلة، ثم فجأة توقف بسبب عدم توفر المحروقات إلى أن جاء السيل وأجهز عليه بطمره، ودخلت المياه في إلى جوف مكينة ماطور المضخة.. ولأن المشروع بدون إمكانيات تمكننا من صيانته، فقد توقف.
واستدرك: «وفي هذه الفترة بادر بيت المبادرة في المراوعة ومعه الجمعية وتحملوا تكاليف الصيانة، كذلك والمواطنون ساهموا بجهودهم وتوفير مادة الديزل، وتم تشغيل المضخة وضخ الماء لتجربة سلامة الشبكة، وتم معرفة الخلل وإصلاحه بمساهمة المجتمع، ولم يتبق أمامنا سوى القليل من الشبكة جاري العمل على مد شبكة بالحشد له من المجتمع».
وأفاد أن إجمالي ما تم إصلاحه من الشبكة وصيانة الماطور تفوق 450 ألف ريال (حتى تلك اللحظة قابلناه فيها)، طبعا تم إيقاف المشروع الآن لذات السبب الذي توقف به في المرة الأولى، وهو أزمة انعدام الديزل.. واعتقد أن ضمانة استمرارية المشروع في الضخ تتطلب توفير منظومة طاقة شمسية. المشروع تستفيد منه 21 قرية من عزلة العامرية والدحلي ما يقارب 6 آلاف أسرة.
ولفت إلى أن عمق البئر يصل إلى 250 متراً، تضخ مياهاً نظيفة صالحة للشرب والاستخدامات الأخرى، والبئر منسوب المياه فيه كافية لتشغيل مشاريع مزارع إنتاجية كونه يقع في حوض مائي.
وعن فكرة إعادة تشغيل المشروع أكد العاقل أن بيت المبادرات في المراوعة بادر إلى دعوة عقال وأعيان المنطقة وفرسانها إلى ورشة لتحديد المشكلات، ومن ثم البدء في عملية التحشيد المجتمعي للتغلب عليها، وانطلقنا من المبادرة نحو تفعيل المشروع.

المشروع حيوي
من جهته قال عمر سالم سعيد الدحلي، من أبناء المنطقة: «المشروع حيوي وسيخدم الآلاف من الأسر التي تعيش الأمرين جراء انعدام الماء، وبعد الآبار عن القرى، يضطر الناس إلى المشي على الأقدام لمسافات طويلة، وهناك حيث الآبار تحدث تجمعات كبيرة وتظل أحيانا إلى أوقات متأخرة من الليل، بالإضافة إلى ما قد تحتاجه الأسر من اللاحق بالطعام للأولاد والأعلاف للحمير.. تجاوب الكثير من المواطنين وفاعلي الخير من أجل إعادة تشغيل المشروع لرفع المعاناة عن المواطنين، لكن تبقى المشكلة الأكبر حساسية وهي انعدام مادة الديزل، المشروع الآن واقف بسبب انعدام الديزل».

خطوات التأهيل
أما العاقل فيصل سليمان عبدالله حسن، فقد أشار إلى أن الفضل في تحريك المشروع يعود، بعد الله، إلى جهود فرسان التنمية الذين عملوا على إحياء «مشروع ميت في نفوسنا منذ ولادته».
وأكد «الآن المشروع جاهز يضخ مياهاً، لكن يظل العائق هو ذاته الذي وقف بسببه في المرة السابقة ويتمثل في انعدام مادة الديزل؛ الدبة عبوة 20 لترا بـ 25-30 ألف ريال، وتشغيل حركة يوم يحتاج لأكثر من 5-6 دبات لعدد 2 مواطير، لأن الماطور الواحد يحمي بدبة، هذا يحتاج إلى قوة مالية تنهض به، لأن المواطن- حاليا- لا يزال فاقد الثقة في أن المشروع يمكن أن يشتغل من أصله، حيث حصل أنه تم جمع تبرعات لإعادة تشغيله لأكثر من فوق 3 مرات، ولا شيء تم من ذلك».
ولفت «نحاول الآن البحث عن تمويل لتشغيل المشروع لفترة يضخ فيها المياه إلى البيوت كي نكسب أولا ثقة المواطن بالخطوة التي قمنا، ومن ثم- إن شاء الله- نفتح باب المساهمة ونفرض الاشتراكات وقيمة الاستهلاك ناهيك عن أنه لا يزال هناك بعض الأعطال بحكم أن الشبكة متهالكة بسب تركها لفترة بدون تشغيل».
وأضاف: «لا نملك الجرأة في هذه الأثناء في أن ندعو المواطنين إلى أي فزعة مالية.. المواطنون يبادرون من ذوات أنفسهم بجهودهم بمعداتهم من مفارس وكمبريشنات من لوازم إصلاح أو مد الشبكة. تخيل والناس يدفعون من عام 1997م، والشوط الثاني من 2009م، والمشروع راقد.. وهذا أصبح أكبر عائق ما بيننا وبين المجتمع.. وهذا ما أجبرنا على أن نقوم نحن وبالتعاون وجمعية اكتفاء وما يحشده فرسان التنمية من تمويل من التجار والمحسنين كامل كمرحلة أولى.»
واختتم: «التشغيل، الحمد لله اشتغل.. المتبقي هو استكمال شبكة التوصيل إلى البيوت، ونحتاج بالضرورة للتحشيد من أجل الحصول على منظومة شمسية، لأن بقاء المشروع على مادة الديزل قد يعرضه للتوقف مرة أخرى لضخامة الكلفة المطلوبة للتشغيل، والمواطن معسر، كم ستفرض عليه اشتراك وقيمة استهلاك؟ بعضهم ما يقدر يدفع مائة ريال.»

Categories
أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل التدريب والتمكين الثورة الزراعية الدراسات والبحوث لقاءات مقالات

مؤسسة بنيان تنفذ (1820) مبادرة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية خلال العام 2021م، منها (482) لها علاقة بالمجال الزراعي

الثورة – يحيى الربيعي:

 

نظمت أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل الورشة التدريبية الخاصة بموسم التخطيط للعام 2022م في مؤسسة بنيان التنموية، وإطلاق المشاريع الاقتصادية.
وفي الورشة التي عقدت خلال الفترة 20 – 22 أكتوبر 2021م، وضمت (280) مشاركا من ضباط المشاريع ومنسقي المحافظات والمديريات والممارسين والفرسان، أوضح رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا أ. إبراهيم المداني الخطوط العريضة لمشروع التدخل الاقتصادي في الـ(9) مديريات النموذجية هي: (معين بالأمانة، بني مطر بصنعاء، اللحية والزهرة والمراوعة بالحديدة، وصوير بعمران، وضوران بذمار)، كمرحلة أولى، مؤكدا أن من المناسب أن يقوم أعضاء الجمعية بترشيح أفضل فرسان التنمية لشغل منصب المدير التنفيذي في كل جمعية بالإضافة محاسب، على أن يتم تدريب المدراء الحائزين على الثقة عبر أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل.

ونوه بأنه يتم تدريب المدير التنفيذي والمحاسب الحائزين على ثقة الجمعية عبر الأكاديمية، لافتا إلى إمكانية تدريب عشرة كوادر يتم ترشيحهم من قبل المدير التنفيذي في كل جمعية للعمل على تفعيل أنشطة التسويق، والبحوث، والإرشاد، والاستثمار، والقروض …إلخ، حسب تعدد أنشطة الجمعية في دورات يتم خلالها بناء كوادر جمعيات جيدين، مشددا على ضرورة أن يتم تجنب النفسيات السيئة كثيرة التساؤل عن(أين مكاني؟ كم باتجيبوا لي؟).
ولفت إلى أن الجمعية ستكون هي الكيان المركزي في المديرية النموذجية، وأن كل حركة في العملية الإنتاجية أو التسويقية أو التدريبية الجمعية هي المسؤول عن التخطيط لها وإجراء الدراسات والبحوث اللازمة، ومن ثم تنفيذها عبر إدارة مباشرة لأعضاء هيئة إدارية يتم اختيارهم بعناية.
وأضاف: ” تسعى بنيان إلى تمكين المجتمعات المحلية من إدارة عجلة التنمية” بغرض التخفيف من حدة المركزية، موجها بضرورة نقل تجربة منهجية وحدة الحراثة للاستفادة منها في إدارة أنشطة الجمعيات.
واستعرض إمكانية نقل بعض الصلاحيات التي تسهل عمل الجمعيات إلى المحافظة، كمرحلة أولى، ومنها إلى المديريات فالجمعيات، قائلا: “مثلا، في هذه المرحلة يقوم فرع الاتحاد في المحافظة بتقديم قائمة إلى شركة النفط بأسماء الجمعيات في المحافظة، وتحديد ما تحتاجه من مادة الديزل، وبهذا تخفف المركزية من العاصمة إلى المحافظات، ثم في مرحلة ثانية إلى المديريات مع مراعاة متطلب كل مرحلة من الأولويات”، منوها بإمكانية البدء بجمعيات المديريات النموذجية التسع على أن يحل المحافظ محل (فرع الاتحاد) حاليا.
وقال: “مهمة الجمعية التشبيك بين المجتمع والموارد المتاحة محليا وكذا الفرص من خارج المجتمع المحلي، وهي المعنية بإصلاح شبكات الري وتوفير المدخلات لإنتاج محاصيل تباع في أسواق هي من ينسق لها مسبقا موجها مؤسسة بنيان التنموية بضرورة العمل مع الجمعيات خطوة بخطوة حتى تتعلم وتتوسع وتتمكن”.
وأشار إلى أن “الآبار الممسوخة (الحفر العشوائي)- لاشك- تؤدي إلى تلاشي العيون، ولابد من إيجاد حلول ناجعة وسريعة تعمل على إيقاف استمرار هذه العشوائية وغيرها، منوها إلى أن «مكتب المياه في المديرية ليس مفعّلا، وأن الجمعية أن تفعله، وهي المعنية بعمل اتفاق مجتمعي، وتمضي في تنفيذ بنوده إلى آخرها، وتشرك معها السلطة المحلية”.

من جهته استعرض المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد المداني أهداف الورشة المتمثلة في “إعداد المشاريع الاقتصادية الزراعية والسمكية والمعدنية للمديريات النموذجية (إنتاج المواد الخام والصناعات التحويلية)”، و”تطوير قدرات فرق العمل الميدانية المتنوعة، وتوحيد منظورها، لقيادة العمل في المديريات النموذجة بشكل تكاملي ومتفق مع أهداف وسياسات الوطن”، وأخيرا “وضع أفكار للخطة التنفيذية للعام 2022م”.
وشدد على ضرورة أن تحظى هذا الأهداف بنقاش جاد ومسؤول من قبل الجميع يكون من ثماره الخروج بخطة موضوعية ومواكبة لتحديات المرحلة التي تمر بها البلاد من عدوان وحصار والتي تتطلب التسريع بخطوات الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في الأولوية التي وضعتها اللجنة الزراعية والسمكية العليا من الغذاء والملبس والدواء.
وأضاف ” قامت بنيان بالعمل الطوعي ومن خلال تفعيل المشاركة المجتمعية وتحشيد المبادرات بإنجاز مهمة تحريك عجلة التنمية نحو بناء اليمن الحديث”، مشيدا “العمل الطوعي هو من قدم الخير المنظور بتنمية المجتمع الذي انطلق منه”.
وأشار إلى أن المؤسسة نفذت خلال الفترة من يناير- سبتمبر 2021م: (1820) مبادرة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، منها (482) لها علاقة بالمجال الزراعي، تليها الطرق بواقع (382) مبادرة، ثم (318) مبادرة في المياه والبيئة، فالتعليم (360) مبادرة، و(106) في التكافل والإغاثة، وفي التراث والثقافة هناك (112) مبادرة، وأخيرا الصحة (58) مبادرة.
وفي عشرة محاور ناقش المشاركون الرؤية الاقتصادية في المديريات النموذجية، وفيها استعرض المختصون تقرير الإنجاز للعام 21م على مستوى المؤشرات والمحافظات، وكذلك تجربة المشاريع الاقتصادية في محافظة الحديدة في زراعة (الحبوب، الثروة الحيوانية) عبر الزراعة التعاقدية، وتجربة تأسيس العمل التعاوني في مديرية صوير بمحافظة عمران، ومنهجية بنيان في الإقراض القائم على سلسلة القيمة والمشاركة المجتمعية.
واستمع المشاركون إلى شروح تثقيفية حول الدراسات الاجتماعية الاقتصادية ودراسات سلسلة القيمة والدراسات الزراعية، وربطها بخطة المديرية وخطة المؤسسة، وتطوير أفكار للتدخلات الاقتصادية الزراعية والسمكية والمعدنية في كل مديرية نموذجية، في مجال إنتاج المواد الخام (الريف غالباً) أو الصناعات التحويلية (الحضر غالباً) لتكوين أفكار مشاريع اقتصادية عملاقة.
وأدار المشاركون حلقات نقاش حول طرق إنشاء وثائق المشاريع ومكوناتها الأساسية، وإعداد مسودات وثائق اقتصادية للمديريات النموذجية بالاستفادة من مخرجات الورش السابقة.
وساهم المشاركون في طرح أفكار حول خطة مؤسسة بنيان التنموية للعام 2022م، كي يتاح الفرصة أمام الفريق المشكل بإعداد الخطة واختيار ما يتوافق منها مع قدرات المؤسسة المتوقعة في العام القادم، ويحقق أكبر قدر من تطلعات المجتمعات المستهدفة والأهداف الاجتماعية والاقتصادية المرسومة في الخطة.
واقر المجتمعون هيكل واختصاصات منسقي المحافظات والمديريات النموذجية كموجهات للانطلاقة في الربع الأخير من العام 2021م، بالإضافة إلى استمرار العمل في مبادرة توفير الخدمات الصحية لـ (10) ملايين رأس ماشية عبر تدريب عمال صحة ومبادرات مدعومة محليا، وكذلك الاستمرار في مبادرة غرس 100 مليون شتلة عبر المبادرات المجتمعية في المحافظات والمديريات النموذجية، إنشاء مشاتل قروية ومدرسية، والاستمرار في مبادرة إصلاح سواقي الري في عموم المحافظات.
وتخلل فقرات الورشة محاضرات ثقافية لعدد من المحاضرين ركزت على بيان الجانب التنموي في النهج القرآني والهوية الإيمانية، وأهمية تمسك الجميع بهدى الله في جميع مسارات العملية التنموية كأساس مهم لتحقيق الانتصار واستحقاق التوفيق والتأييد الإلهي.

Categories
أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل التدريب والتمكين الثورة الزراعية الدراسات والبحوث المشاريع مبادرات مقالات

صوير- عمران.. طبيعة غنية بمقومات تنموية تفتقر إلى التوعية والاستثمار الأمثل

الثورة / يحيى الربيعي

نفذت أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل تحت رعاية اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري، وبدعم من صندوق تنمية المهارات، وإسناد وحدة التخطيط والتقييم والرصد بمؤسسة بنيان التنموية بالشراكة مع الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعية بحوثا في مديريات (صوير- عمران، بني قيس- حجة، الزهرة والمراوعة- الحديدة، ضوران- ذمار) للتعرف على مقومات النهوض التنموي من أجل التمكن على ضوء نتائجها من إعداد الخطط التنموية في المديريات الخمس كمرحلة أولى، حصلت (الثورة) على نسخ من تلك البحوث نعمل على نشر مقتطفات عن أهم ما توصلت إليه من نتائج.

وفي الدراسة التي أجريت على مديرية صوير- عمران، تناول الباحثون (عبد السلام السماوي، هيثم جارالله ، علي أبو حلفة، محمد ملهي)، في مقدمة وسبعة فصول شرحا شاملا عن الوضع الراهن في المديرية، حيث استعرضوا العديد من نقاط القوة التي تتميز بها المنطقة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية، كما عرجت بالتحليل على نقاط الضعف بالشرح والتفصيل وبيان الأسباب والخلفيات، وشمل التحليل تحديد أولويات الاحتياج في المديرية.

تقع مديرية صوير في النطاق الإداري لمحافظة عمران، وفي الجزء الغربي المقترب من الشمال لمحافظة عمران وهي مستطيلة الشكل (طولها جهتا الشمال والجنوب) يحدها من جهة الشرق مديريتا شهارة وحبور ظليمة محافظة عمران، ومن جهة الغرب مديريتا كشر والجميمة محافظة حجة، ومن الشمال مديرية القفلة محافظة عمران ومن الجنوب مديريتا شرس والمغربة محافظة حجة، ولا يوجد بالمديرية من الخدمات الأساسية -كالكهرباء والهاتف والبريد والصرف الصحي والطرق المسفلتة- شيء، يسكنها 20854 نسمة لـ2580 أسرة، موزعة على 5عزل و111 قرية، و394 محلا، ودائرة انتخابية واحدة بها 18 مركزا انتخابيا.

وتعتبر صوير من أكثر مديريات محافظة عمران غنى بالموارد الطبيعية، والبشرية، والاقتصادية، والخدمية، وغيرها من الموارد، وتمثل هذه الموارد فرص عمل لأبناء المنطقة تمكنهم من الاكتفاء الذاتي وتصدير فائض الإنتاج للأسوق وتحقيق الحياه المستقرة في المنطقة من الهجرة والتنقلات سعياً لطلب الرزق، وترك أراضيهم بلا زراعة بسبب المفاهيم المغلوطة في الاتكالية على المنظمات الخارجية والأنظمة السابقة التي جرتهم إلى ترك الزراعة والاكتفاء بما تدره عليهم من العطاء الممنهج بالتوقيت القاتل الذي تنتهجه التدخلات الخارجية في الدول النامية.

طبيعة غنية
يغلب على مناطق صوير المناخ الحار صيفا، والمعتدل شتاء، وتهطل فيها الأمطار طوال العام عدا فصل الشتاء، وتمتاز المديرية بتنوع تضاريسها ما بين هضاب وتباب تتخللها أراض زراعية خصبة وبعض الوديان، وتكثر فيها السلاسل الجبلية المرتفعة والمتوسطة المزينة بمدرجات زراعية، وتحتوي بعض وديانها على أراض زراعية، لكنها تتعرض لانجرافات السيول.

ويتكون الغطاء النباتي في صوير من عدة أنواع من الأشجار والشجيرات والحشائش، وتتميز المنطقة بكثافة النباتات الطبِية والعطرية، كما تتوفر مساحات من الأراضي الزراعية الصالحة لزراعة أي نوع من المحاصيل الزراعية.

وفي صوير يوجد حوالي 260 بئر ارتوازيةويدويةبعمق يتراوح ما بين 100 – 300م، وتجلب المياه بواسطة حمير يقودها الأطفال من البنين والبنات، أما الغيول فيوجد بها حوالي 10 غيول، منها 3 تتدفق بحسب مواسم الأمطار، وبئران مستمران، والبقية في انقطاع.

وتشتهر المديرية بزراعة الحبوب في 3,323 هكتارا، والبقوليات في 363 هكتارا، والبن في 8 هكتارات، والقات في 1,350 هكتارا، ويعتبر محصول الدخن من أهم وأفضل المحاصيل التي تزره في مديرية صوير، فهو يمتاز بتحمل الجفاف لأن المنطقة تعاني من شحة المياه ويزرع في جميع عزل المديرية في موسم الصيف، وترتفع أسعار الحراثة حيث يصل سعر الساعة بالحراثة إلى 12 الف ريال، وبالأثوار إلى 10 آلاف ريال، فيما تأخذ الحصادة 1500 ريال على القدح (40كجم) ناهيك عن الأمراض التي تفتك بالمحصول، وتأتي الذرة الرفيعة في المرتبة الثانية وتليها الذرة الشامية، وبذات المعاناة مع اختلاف في الأسباب.

وتزرع البقوليات بطريقة الزراعة التحميلة بين المحاصيل الحبوب من الذرة والدخن للاستفادة منها للأكال للإنسان وكتغذية مركزة للحيوانات الأبقار والأغنام وتزيد من خصوبة التربة، وتستنزف شجرة القات مصادر المياه بسبب الري بالغمر، وكذا زيادة زراعته على حساب الأراضي الزراعية.

وتحتل مهنة تربية النحل نسبة 70 % من اهتمامات سكان صوير، حيث تقدر حيازة أكبر مربي ما بين 400 – 1000 خلية، وأقل مربي يحوز ما بين 10_30 خلية وتمثل تجارة في العسل وخلايا النحل مصدراً رئيسيا لدخل الأسر العاملة في تربية النحل، ويعتبر السدر أجود أنواع العسل، حيث يفيد في معالجة كثير من الأمراض وزيادة رفع المناعة، ويتراوح ثمن الدبة العسل ما بين 100_120 ألف ريال والصحة بـ 15_20 ألف ريال والكيلو بـ 20ألف ريال، أما قيمة الخلية الواحدة مع النحل (جبح) فهي حوالي 28 ألف ريال، يتم شراؤها قبل موسم السدر(العلب)، اكثر الأشجار انتشاراً في الغطاء النباتي، حيث ينتج من العسل حوالي 20 – 30لتراً/10 خلايا.. ويعاني النحالون من انخفاض في أسعار العسل وخاصة في السنتين الماضيتين بسبب إغلاق العدوان والحصار منافذ التصدير.

ضعف حركة التسويق
تعد تجارة الثروة الحيوانية من الماعز والأغنام والأبقار والدجاج المصدر الثاني بعد تربية النحل حيث يعتمد عليه السكان في معايشهم، بالإضافة إلى الاستفادة من حليبها وسمنها ولبنها واستخدام مخلفاتها كسماد بلدي للأراضي الزراعية إلا أن هذه الثروة تعاني من المشاكل الكثيرة على رأسها الأمراض والنفوق التي تصيبها بالإضافة إلى قلة المراعي في الشتاء وضعف حركة التسويق مما يعني الحاجة الماسة إلى تدريب فرسان صحة حيوانية من أنباء المنطقة.
وتحتل المناحل المصدر الأول إلا أنها الأخرى تعاني من قلة المراعي في الشتاء وانتشار الأمراض، وتتأثر كثيراً عند رش المبيدات السامة مثل مبيد (المدجج) لشجرة القات والذي يقتل النحل على مسافة 2 كم مربع بالإضافة إلى ضعف التسويق مما أدى إلى انخفاض شراء النحل في هذا العام.
وفي المرتبة الثالثة تأتي الحبوب، ومنها الدخن والذرة الرفيعة والذرة الشامية كمصدر في الاستخدام الذاتي لتغذية الإنسان وأعلاف للحيوانات، وهناك إمكانية للتوسع في زراعة محاصيل الحبوب وبالأخص في الأماكن المتوفر فيها المياه حيث يتراوح أعماق الآبار السطحية فيها ما بين (3-10) أمتار، فيما إذا كثفت التوعية عن طريق فرسان التنمية مع إيجاد القروض البيضاء بعد تشكيل الجمعية.

متطلب التوعية
تعاني المديرية من قلة الخدمات الإرشادية الزراعية والبيطرية، وغياب الكادر النسائي في مجال الصحة وبعد المراكز الصحية عن بعض القرى، وقلة التعليم في بعض القرى بسبب بعد المدارس وندرة مدارس المرحلة الثانوية.

وتحتاج إلى تفعيل فرسان التنمية، وتدريب فرسان تنمية جدد، وتدريب عمال صحة حيوانية من كل العزل، للتوعية في جميع المجالات وتفعيل المجتمع للنهوض في إطلاق المبادرات المجتمعية لإنشاء سدود وحواجز، وكرفانات حصاد مياه لاستغلال مياه الأمطار، والترشيد في استخدامها وعدم الإسراف في سقاية شجرة القات، والتوعية بكيفيات الري حسب الأولوية، وعمل مصدات ترابية وزراعة أشجار حراجية كالطلح والسدر في حوافز وحواز المدرجات للتقليل من انجراف التربة.

ويتطلب الوضع في المديرية تكثيف التوعية بين أبناء المجتمع عن أهمية الغطاء النباتي والمحافظة عليه لما له من دور كبير في تحسين الوضع الاقتصادي للسكان، والتوعية بأهمية النباتات الطبية والعطرية، وإيجاد وسائل لإدخالها في تصنيع الأدوية والمبيدات، بالإضافة إلى التوعية بأهمية المبادرات والمشاركة المجتمعية وتسريع تفعيل وحده الشق بالمديرية من أجل إطلاق مبادرات مجتمعية للحفاظ على الأراضي الزراعية.

كما تجدر الإشارة إلى ضرورة تفعيل وحدة الحراثة في جميع العزل وتفعيل أو إنشاء الجمعيات لتنظيم عملية التسويق، وتفعيل خدمة وحدة البذور، وتقديم خدمات التوعية والإرشاد المجتمعية للتوسع في زراعة وإنتاج الحبوب، والمساندة في تفعيل الزراعة التعاقدية للتوسع في زراعة وإنتاج وتسويق الحبوب المحلية، وتشغيل الأيادي العاملة وتوعيتهم بأهمية المحاصيل، وتوعية المزارعين عن أهمية الثروة الحيوانية خاصة التي تستخدم في حراثة الأراضي الزراعية، وتفعيل الدراسات والبحوث في مجال إجراء تجارب في زراعة الحبوب وإكثارها.

Categories
مقالات

الثورة الزراعية تستنهض المجتمع.. بصمة رائدة لمؤسسة بنيان في الميدان التنموي

منذ ما يزيد عن نصف قرن لم تتمكن اليمن على امتداد الأنظمة المتعاقبة من بناء منظومة تنموية متينة، وظل الجانبان الاقتصادي والزراعي في اليمن يعانيان من اختلالات بنيوية وهيكلية متأثرين بثلاثية الفساد والنزاعات المختلفة على الموارد، والعقلية التي كانت تدار بها البلد وانعكاساتها على وعي الشعب وثقافته، واعتماده على الوظيفة العامة وهبات الخارج، وعزفه عن مقومات الحياة الطبيعية ومواردها.

الثورة – فؤاد الجنيد

ومع بداية العدوان الهمجي الغاشم على بلد يقبع في ذيل قائمة الدول النامية في أحسن الأحوال، وفي جغرافيا يطوقها الحصار من الجهات الأربع، و تظللها سحب دخان القصف والدمار، واستهداف كل أبجديات البنية التحتية، ومقومات الحياة الاقتصادية، تعمقت معاناة هذا الشعب المظلوم والممتدة منذ عقود، بفعل سياسة الأنظمة السابقة الفاشلة البعيدة عن أي منهجيات حقيقية، والتي ارتهنت لعطاء الخارج، ووأدت روحية الإنتاج الداخلي، رغم بروزها في فترات ماضية، لكنها لم تر النور، مع بروز تضليل ممنهج للوعي والفكر، ببعديه السياسي والاقتصادي، وانعكاسه على السلوك الذاتي للمجتمعات، وعزوف الإنسان اليمني عن هويته الوطنية وموروثه الثقافي والاجتماعي، فاختفت كليا مظاهر الاكتفاء الذاتي وملامح الإنتاج المحلي، وقطعت أوصال المشاركة المجتمعية والاقتصاد المجتمعي، وزادت مظاهر الطوابير الطولية أمام المنظمات الاغاثية، ومؤسسات التدخلات الطارئة، فدفع الشعب الثمن باهضا مع أول عدوان قطع حبله السري وفصله عن الخارج.

اجتراح المعجزات
لم تكن القيادة الثورية والسياسية بمعزل عما يجري، ولم تكن غائبة عن اجتراح المعجزات وإيجاد البدائل على ضوء الأحداث التاريخية الماضية، والأحداث الحالية بشقيها السياسي والاقتصادي، فدعت ونادت مراراً وتكراراً بضرورة العمل وفق منهجية جديدة ينفخ في روحها من هدى الله الواسع والعميق، وتستلهم مشوارها العملي من الدروس المستفادة التي أثقلت كاهل عقود مضت، وتصنع مستقبلاً تنموياً جديداً على مداميك الشراكة المجتمعية وتزكية العقول بالوعي الصحيح، وتنظيف أوكار الثقافات المغلوطة التي عشعشت على ألباب الأجيال، وتحويل التحديات إلى فرص، والإغاثة إلى تمكين، وصولاً لاكتفاءٍ ذاتيٍ يضمن الاستقلال والسيادة، ويؤسس لتنمية مستدامة تستثمر الإنسان وبيئته وموارده المتاحة وفق هدى الله تعالى ومشارب التعليم المحصن، والتخطيط المثمر.
من هنا جاءت مؤسسة بنيان التنموية لتشكل انطلاقة وطنية حقيقية تمثل خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بكل قطاعاتها، في مسار التطور والمواكبة والتحديث صوب تحقيق الحياة الكريمة والمنتجة لكل أفراد المجتمع اليمني، والمضي قدمًا نحو تحقيق الأهداف التنموية المستدامة، وفق خطط دقيقة تم خلالها مراجعة وتقييم السياسات والبرامج الماضية والقائمة، وتحديد نقاط القوة ومكامن الضعف، واستخلاص الدروس، واستشراف الآفاق التنموية وفرص النمو المستقبلية، تجسيداً لرؤية القيادة الثورية والسياسية وتوجهات الحكومة في تنفيذ الأجندة الوطنية للإصلاحات والتي تركز على مواصلة مسيرة البناء وتعزيز اللامركزية وتوسيع المشاركة الشعبية في التنمية المحلية.

رسالة
لقد كانت رسالة مؤسسة بنيان واضحة الأهداف وعميقة في بعدها الفكري المستند كلياً إلى هدى الله تعالى، فشقت طريقها في صناعة تنمية متكاملة بتخطيط تكاملي في ثلاثة أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية ترشف عبق التنمية من هدى الله، وترسخ مخرجات ثورة المفاهيم القرآنية في تهذيب وتأسيس مجتمع واعِ ومتماسك يعتز بهويته وأصالة قيمه، قادر على حشد طاقاته وقدراته، واستغلال موارده الطبيعية والبشرية بكفاءة، من أجل تحفيز التنمية المحلية المستدامة، وبما يدعم تعزيز الاكتفاء الذاتي والتمتع بالعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، فأطلقت طاقات النمو في القطاعات الواعدة، وفي إطار من الواقعية والطموح حشدت إمكانات الاقتصاد المجتمعي لتحقيق نمو اقتصادي يستهدف الحد من الفقر وتحرير الفئات الفقيرة من العوز والحاجة عبر رؤية شاملة لآليات وسبل معالجة الفقر والتخفيف من آثاره باعتباره ظاهرة اقتصادية واجتماعية هيكلية، معتمدة في سبيل ذلك على سلسلة القيمة القائمة على المدخلات والإنتاج والتوزيع والاستهلاك.

تدريب وتمكين
وترجمة لرسالة مؤسسة بنيان التنموية جاءت أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل لتقدم برامج نوعيه يتطلبها سوق العمل ويحتاجها المجتمع اليمني في خط الجودة الشاملة والتميز، وهذا أسهم بدرجة كبيرة في رفع مكانتها بين مؤسسات التدريب المحلية، حيث تعمل بخطة استراتيجية تهدف إلى بناء واقع تدريبيي متميز من خلال حقائب تدريب جاءت كنتاج تجارب ميدانية قام بها فريق ميداني من المؤسسة وهي تعالج الإشكاليات الميدانية ولديها وفريق التدريب المتمكن الذي يحمل الوعي والبصيرة والمعرفة ، وبيئة التدريب التي تواكب التطورات والمتغيرات ، ونوع الاستشارات والتدخلات التي تقوم بها لمعالجة الواقع العام في القطاع العام والخاص والمشاركة مع أبناء المجتمع للوصول إلى الوعي والبصيرة في معظم المسائل التنموية والإدارية والمالية والاجتماعية ، فضلا عن سياسة تقديم خدمات للمجتمع وعدم البحث عن المردود المادي والربح السريع الذي يعتبر سمة رئيسية لدى الكثير من مؤسسات التدريب المحلية، كما تتميز بتنفيذ برامج على مستوى الوطن في أكثر من خمس عشرة محافظة وهو برنامج (فرسان التنمية) الذي يصقل مهارات أبناء شعبنا اليمني في الجوانب التنموية والإدارية والمالية والاجتماعية والاقتصادية على منهجية هدى الله تعالى لتحريك المجتمعات لاستثمار إمكاناتها وطاقتها لبناء واقع جديد في بلادنا قائم على المشاركة المجتمعية والمبادرات من أبناء المجتمع للوصول إلى تحقيق تنمية محلية ذاتية، وقد تم تنفيذ العديد من هذه الدورات الأخرى كـ (( الرائد التنموي، الجمعيات، الباحثون بأسلوب البحث السريع بالمشاركة))، والبرامج مستمرة حتى الآن.

برنامج “فرسان التنمية”
كما يعتبر برنامج “فرسان التنمية” الشرارة الأولى لانطلاق التنمية المحلية المستدامة القائمة على هدى الله، والجرس الأول الذي كسر حاجز الصمت واستهدف فكر العقول بنهج قرآني لا تغيره الظروف، ويهدف إلى اكتشاف المهارات لدى أفراد المجتمع، واكتشاف الموارد المحلية واستغلالها بما يخفف معاناة المجتمع، إلى جانب تفعيل القدرات والموارد التي يمتلكها المجتمع بمنهجية (أعينوني بقوة) المستخلصة من قصة ذي القرنين.
ويمر برنامج فرسان التنمية بعدة مراحل منها: التوعية المجتمعية داخل المحافظات والمديريات والعزل والقرى، واكتشاف الكوادر المحبة للعمل مع المجتمع، ومن ثم التدريب الميداني للكوادر المتطوعة للعمل مع الناس، ومن خلال التدريب يتم اكتشاف القدرات والمهارات وتنميتها، واكتشاف الموارد الموجودة في المجتمعات وكيفية استغلالها، واكتشاف الصعوبات التي تعيق استغلال الموارد المجتمعية وايجاد الحلول لها ومن ثم إطلاق المبادرات المجتمعية التي تخدم كافة شرائح المجتمع، وتخفف من معاناتهم. بعد ذلك تأتي مرحلة تشكيل المجتمع في أطر مجتمعية، مثل (بيوت المبادرات، غرف طوارئ، مجالس تنموية) ومن هذه الأطر تنطلق الثورة الواسعة في التنمية المحلية.

البحث السريع بالمشاركة
برنامج الدراسات والبحوث في أكاديمية بنيان هو برنامج يسعى إلى تدريب وإعداد باحثين محليين من أبناء المجتمع المبادرين والمخلصين المحسنين الذين لهم الشغف في خدمة بلادهم والتحرر من الاتكالية والاعتماد على فتات المنظمات، وذلك من خلال اكسابهم المهارات البحثية التي تجعلهم قادرين على إعداد دراسات اجتماعية اقتصادية، يتم من خلالها يتم تحديد المشاكل والفرص بدءاً بما يحتاجه الناس، إلى جانب قدرتهم على إعداد الخطط على ضوء نتائج الدراسات ليقوموا بتنفيذها هم ومن معهم من المبادرين بالمشاركة المجتمعية دون الركون أو الرجوع إلى المنظمات.

آلية التدريب
يتم تدريب الباحثين تدريباً نظرياً خلال فترة من 12 – 15 يوماً، خلالها يتم إكسابهم مهارات البحث ابتداءً من الأسس والمفاهيم، وانتهاءً بكيفية كتابة التقرير الخاص بالدراسة، وهذا التدريب يكون حافلاً بجميع الأنشطة والأساليب والوسائل المشوقة للتدريب. كما يتم اكساب الباحثين مهارات تطبيقية ذات صلة بالدراسات والبحوث كـ: مهارات الورد والاكسل والباوربوينت، إضافةً إلى مهارات ال جي آي إس الذي يمكِّن المتدرب أو الباحث من تحديد خريطة المنطقة التي يريد النزول إليها سواءً كانت مديرية أو عزلة أو غيرها، وكيفية الاستفادة منها كمصدر ثانوي.
ينتقل بعدها التدريب إلى التطبيق العملي في الميدان، حيث يقوم الباحث بتطبيق كل ما تلقاه في التدريب النظري في الواقع العملي، ثم يعود لكتابة التقرير لتلك الدراسة، وتتم مناقشتها وتحديد الفجوات وتقديم التغذية الراجعة المناسبة، ولا يتوقف التدريب عند هذا الحد، بل يتم تدريب الباحثين على سلاسل القيمة، ودراسة الجدوى الاقتصادية المبنية على سلاسل القيمة، وهناك مسار آخر يتم فيه تدريب المتخصصين، من خلال إعداد برنامج يتلاءم مع تخصصاتهم، فمثلاً التخصصان في النباتات والثروة الحيوانية يتم تدريبهم على الأجهزة المخبرية ووقاية النباتات والبصمة الوراثية وغيرها، وهكذا الحال في باقي التخصصات.

الجمعيات
يأتي دور الجمعيات كدور بارز ومهم ركزت عليه موجهات القيادة الثورية، وتعمل الأكاديمية على تدريب قادة الجمعيات وتنويرهم بما يحتاجون من مهارات، إلى جانب تدريب مدربين على أرقى مستوى، يتم اختيارهم من مؤسسة بنيان التنموية، ومهمتهم النزول الميداني لتدريب الجمعيات وتوعية المجتمع بأهمية الجمعيات وأثرها البالغ في صناعة التنمية المحلية المستدامة.
المهاجر التنموي
وفيه يتم اختيار متطوعين من المجتمعات وفق شروط مرجعية دقيقة في اختيار المدخلات، ومن ثم يتم تدريبهم في برنامج واسع، ليعودوا ممارسين ومدربين في مجتمعاتهم، والتنقل أيضاً بين المجتمعات الأخرى للتوعية والتدريب.

الثورة الزراعية
بالشراكة مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا أخذت مؤسسة بنيان التنموية على عاتقها مسؤولية المساهمة الفاعلة في إنجاح الثورة الزراعية، تلك البوابة الحقيقية نحو الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، ونفذت عبر أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي 2021م، عدداً كبيراً من الدورات الصفية (داخل الأكاديمية)، والدورات الميدانية على النحو التالي:
استهدفت الدورات الصفية 2315 مستهدفاً، في 21 برنامجاً تنموياً بواقع 403 أيام، منهم 266 متدرباً في أساسيات إدارة المشاريع، و 373 الرائد الجامعي، 35 تقييم الأداء، 248 دراسات الجدوى، 77 الرائد التنموي، 418 التنمية البشرية، 311 الندوات وورش العمل، والعديد من الدورات الأخرى.
وفي التدريب الميداني تم استهداف 1442 متدرباً في 14 محافظة، بواقع 469 يوماً تدريبياً، واستهدفت الدورات في المجالات: 1045 فرسان التنمية، 109 البحث السريع بالمشاركة، 56 الصحة الحيوانية، 66 تربية النحل، 85 الجمعيات، 51 الصيادين، 30 سلاسل القيمة، والعديد من الدورات الأخرى.

Categories
مبادرات مقالات

15 يوماً في ربوع السعيدة (الحلقة الثانية) “سارع” .. أرض القيعان والأودية يقطنها الفقراء

بنيان – مقالات

نظمت مؤسسة بنيان التنموية بالشراكة مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا والسلطات المحلية في محافظات: المحويت وحجة والحديدة وريمة، زيارة توعوية وتفقدية إلى 16 مديرية تم اختيارها مديريات نموذجية ضمن 50 مديرية على مستوى الجمهورية.
إيضاح الخطوط العريضة في موجهات القيادة الثورية المباركة والسياسية العليا نحو إحداث ثورة زراعية تنموية على نطاق واسع من المشاركة المجتمعية مثلت أولويات أهداف الزيارة التي تتخذ من ايحاءات الدروس الرمضانية للسيد العلم عبدالملك الحوثي -رضوان الله- عليه مسارا ومنهجا يهتدى به في تبديد ظلمات ما أوغرته العقود الماضية من المفاهيم المغلوطة والعقائد الفاسدة في المجتمع الريفي سواء عبر الإهمال والفساد الداخلي أو بسياسات التدمير الممنهج عبر المنظمات العاملة تحت ما يسمى بالعمل الإنساني.. “الثورة” شاركت في الفريق الإعلامي للزيارة، ومن عمق الحدث تسرد الحكاية الكاملة للرحلة خطوة بخطوة، فإلى التفاصيل:

الثورة / يحيى الربيعي

 

في صباح اليوم الثاني 19مايو 2021م، مررنا بالوادي المؤدي إلى الخميس، وفي منتصف الطريق تحولت الوجهة يسارا، لقد دخلنا وادياً فسيحاً يقع بين منطقتين جبليتين تكسوهما خضرة دائمة من أشجار الضهي والضبة والسمر والسلام والسدر والكثير من النباتات العطرية والأعشاب والحشائش، كلها مراع إما لنحل أو أغنام وإبل وبقر وضأن.. الناس هنا يعيشون على قمم التباب وعلى جوانب الجبال في بيوت بدائية إما من الأحجار أو السعف والأعواد، ويندر أن تجد بيتين متجاورين هنا أو هناك.. كل البيوت يبعد بعضها عن البعض الآخر بمسافات.
في وسط الوادي تمر طريق السيارة في ذات مجرى السيل الذي يحيط به من الجانبين أشجار الطنب والسدر الكبير وأخرى لا أعرف أسماءها.. أشجار شاهقة وفيما بينها تنبت أنواعا من النبات المتسلقة والحشائش وأشجار الذرة الكاذبة.
قبل أن أدخل ذلك الوادي، كان في مخيلتي أن مخلاف سارع محصور على ذلك الوادي الذي يقع في وسطه سوق الجمعة وفي جنباته مجموعة من القرى، لكن الحقيقة على الواقع اختلفت تماما، فسارع أرض جبال ووديان مترامية الأطراف ومتعددة المناخات، وما سنزوره اليوم هو الجزء اليسير من هذا المخلاف الكبير الذي يحتوي على أكثر من 4 عزل وينقسم إداريا على مديريتي جبل المحويت في عزلتي الأهوار والمجاديل مقصد زيارتنا، وحوالي عزلتين أو ثلاث تتبع مديرية بني سعد.
أخذ الموكب في السير وسط الوادي عند تمام الساعة الـ 7 صباحا بسرعة تفوق المائة كيلو في الساعة، والأعين شاخصة إلى ما تحمله جنبات الجبال المحيطة بالوادي من مظاهر الحياة من تربة وخضرة وماء ومساكن ومناحل ومراع للمواشي ومزارع، لم تخب النظرات في التقاط العديد من عوامل النجاح والإخفاق بشأن طريقة معيشة سكان هذا الوادي مترامى الأطراف على الهضاب وصدور الجبال المحيطة وحركتهم الدؤوبة في الوادي مشيا على الأقدام أو على ظهور الحمير والجمال أو السيارات يحملون الماء من موارد بعيدة تتواجد في الوادي ليصعدوا بها على ظهور الحمير إلى منازلهم في صدور أو قمم الجبال أو التباب.
ما يلفت النظر إليه ويدعو إلى التساؤل أن أغلب المناحل التي كانت متناثرة على صدور الجبال هنا وهناك محمية بخيام عدا النادر منها، ما يعني أن أهل المنطقة لا يهتمون كثيرا بتربية النحل وأن المراعي يستثمرها مهاجرون من مناطق أخرى، كما تلاحظ أن مظاهر الحياة ليست معتمدة كثيرا على الزراعة ولا الرعي رغم توافر مقوماتهما في المنطقة بشكل ملحوظ، رغم ذلك فإن أكثر ذكور هذا الوادي مهاجرون إما إلى السعودية أو صنعاء والمدن الحضرية الأخرى، ومن تبقى منهم في الوادي يعتمدون على ما تجود به المنظمات من إعانات مالية وسلال غذائية.
انتهى بنا السير عند الساعة الـ 9 صباحا إلى مفرق صعود جبلي نحو العزلتين مقصدنا من الزيارة، هناك نكتشف أن إطار السيارة التي تقل طاقم قناة المسيرة قد تسرب منه الهواء، تم معالجة الإشكالية مؤقتا بمولد الهواء السفري، وصعدنا على الفور طريقاً متوسط الوعورة، شديد المنحنيات وكثير الملفات، وخلال الصعود لم يتوقف النظر عن ملاحظة جنبات الطريق على مد البصر، وأنت ترى قرى صغيرة متناثرة على صدور الجبال، ومدرجات أكثرها مهمل، والنادر منها محروث، حركة الناس ضعيفة جدا، فنادرا ما ترى من يرعى أغناماً، أو إبلا.. وهكذا كلما صعدنا إلى الأعلى كلما بدت الحركة ومظاهر الحياة في الضعف في مكان والظهور في آخر.
وصلنا قمة الجبل لنطل على قاع مترامي الأطراف في اتجاهات ثلاثة، وعند المفرق سار الموكب إلى اليسار نحو مركز عزلة المجاديل، وبنفس نمط حركة ومظاهر الحياة مع زيادة أننا الآن نسير في وسط قاع متنوع التضاريس بين التباب والأراضي الزراعية الخصبة ما بين تلك التباب الصغيرة، وفي الجوانب الثلاثة البعيدة ترسو جبال ترابية كبيرة كلها مكسوة بأشجار السمر والسلام والضهية والضبة وقليل من السدر ونبات الرعي.

 

في اتجاه الشمال
ما شد الانتباه هو انتشار الآبار المكشوفة في أراض زراعية.. لم تكن الفرصة سانحة للتوقف ولا أحد يمكن أن نسأله، فالأجواء خالية من الحركة البشرية إلا من بعض النساء اللاتي يعملن في رعي الأغنام والضأن أو بعض الدراجات النارية التي تمر بجوارنا مسرعة.. للأسف، ليس ثمة نشاط زراعي في القاع إلا في النادر الذي لا حكم له، لماذا؟
يجيب علينا أحد المواطنين الذي التقيناه بالصدفة على طريق العودة فنزل من على دراجته النارية عندما رأى الوفد يستطلع إحدى الآبار، ليجيب على مجموعة من الأسئلة التي طرحها رئيس الزراعية العليا عن عمق البئر؟ وعلى كم متر توجد المياه؟ بأن المياه تظهر في بعض الأماكن على عمق 8 أمتار، وفي البعض الآخر على عمق 15 مترا في الأقصى.
وعن أسباب اختفاء مظاهر الزراعة رغم أننا نقف على أرض قاع مترامي الأطراف وكل أراضيه زراعية 100%، أجاب ذلك المواطن قائلا بالنص، كما جاء على لسانه، وبلا تعليق “الأراضي قد هي صالبة، نشتي شيول لتوصيل الطرق، وبعد ذلك نؤهلها من جديد ونبنيها.. هذه أماكن بعيدة عن الماء، لا يوجد ما يزرعون، والأماكن التي يوجد فيها الماء ما يستغرقوا إلا حاجة بسيطة جدا، حتى في الوديان لا يوجد استغلال للموارد المائية، نجد الماء في الوادي يجري في السائلة، وكل الأراضي من حولها صالبة.. هذا هو الحال هنا أو في الوادي، حتى وادي لاعة، كل الأودية هكذا، على العكس من ذلك تجد السكان في المناطق الجبلية لا يزالون يحافظون على الزراعة رغم أنهم معتمدون على مواسم الأمطار”.
ويتساءل مع نفسه: ما هو السبب الذي أوصلهم إلى هذا الحال؟ ليجيب هو: السيل يأتي إلى الوديان يشل جداول الماء والسواقي حق الماء، وذاك البدوي ما يقدر يسوي شيء، يقف عاجزاً، مفيش معه إمكانية، ولا معه شيء، ولا معين له.. مرة بعد مرة وصل الكثيرون إلى قناعة.. يقل لك: أرسل ابني يرعى في السعودية ولو تهريب وإلا يسرح يغترب بفيزه ولا التعب بلاش في زراعة يشلها السيل أو تجي تاكلها الرباح (القرود)” انتهي كلام المواطن.
أحد أعضاء الفريق علَّق: لماذا أبناء المنطقة لا يشكلون جمعية زراعية تعاونية متعددة الأغراض تنظم لهم عملية الاقتراض بدون أرباح، وتضع لهم خططاً لمواجهة كوارث السيول، وأخرى لتحسين الزراعة واستغلال مصادر المياه بطرق ري حديثة واقتصادية، وتعمل على نشر الوعي بالأساليب الحديثة في الزراعة والتقليل من كلفة الإنتاج، وكيفية تربية المواشي وتسمينها، وكذلك تعلمهم أساليب تربية الدجاج البلدي؟!
المواطن يرد: لن تنجح الجمعية إلا إذا كان هناك نموذج صادق يعمل على كسب ثقة الناس، ويحدث عملية تنافس حقيقية، هنا ستنجح الجمعية.. مكتفيا بالإشارة إلى أن مقر الجمعية التعاونية لمنتجي الحبوب يقع في مجمع المديرية، ثم شغل دراجته النارية وانطلق.
استمر سيرنا نحو المجاديل في اتجاه الشمال، وبدأت مظاهر الحياة القروية تظهر على هيئة تجمعات تزيد في عدد البيوت من قرية إلى أخرى كلما اتجهنا شمالا.. وصلنا منعطفاً يشرف على واد عميق كثيف بأشجاره كالغابة يقع بين جبلين شاهقين سندخل من صدر أحدهما.
مشينا على ضفة الوادي الذي يتراجع عمقه كلما اتجهنا شمالا حتى وصلنا إلى مضيق في مستوى يرتفع قليلا عن مستوى القاع الذي جئنا منه، وهنا وجدنا تجمعا كبيرا من المواطنين احتشدوا للمشاركة في مبادرة رص طريق يربط قرى عزلة المجاديل بمركز محافظة المحويت بطول حوالي 20 كيلو متراً.. وهو طريق جبلي وعر بصعود مخيف شاهق.
استقبل المواطنون الفريق بحفاوة اليمني المعروف بأصالته في استقبال ضيوفه، وهناك اطلع الفريق على عظمة الإنسان اليمني في مواجهة التحديات وقهر الصعوبات، فهؤلاء الرجال أنجزوا بأدوات بدائية تقليدية وبجهود عضلية وإمكانات ذاتية مشروعا عظيما يحتاج تنفيذه إلى معدات كبيرة من بكلينات وشيولات، وتقدر كلفته بقرابة مائة مليون ريال بمبادرة مجتمعية خالصة.

 

امتنان وانبهار
هنا تجسدت معاني ودلالات المثل الشعبي “غرامة ولا ملك”، “ما شلته اكتاف الرجال خف”.. هنا رأينا قوة وصلابة إرادة الإنسان اليمني في القدرة على تحويل التحديات إلى فرص.
لم يسع رئيس الزراعية العليا إبراهيم المداني ورفيقه المدير التنفيذي/ بنيان المهندس محمد المداني إلا أن يعبرا عن بالغ الامتنان والابنهار بهذا الإنجاز العظيم، مشيدين بالجهود الجبارة التي بذلها المبادرون في إنجاز هذا الشريان المهم الذي سيربط قرى عزلة المجاديل بمركز مدينة المحويت، والذي من شأنه التخفيف من عناء السفر عبر طريقي الخميس أو الخبت.
وخلال اللقاء الذي جمع الفريق بأعضاء السلطة المحلية وفرسان التنمية واللجان الزراعية نقل رئيس الزراعية العليا تحيات القائد العلم السيد عبدالملك الحوثي إلى مواطني مخلاف سارع، مشيرا إلى الاهتمام الذي توليه القيادة الحكيمة بالمخلاف، واستمع إلى شروح عن خطوات إنجاز المشروع من قبل فرسان التنمية والسلطة المحلية.
وقال المدير التنفيذي/ بينان المهندس محمد المداني “في الوقت الذي الناس فيه نائمون أنتم يا أبناء مجاديل سارع تشقون الجبل وترصون طريقا بسواعدكم السمراء وبإمكاناتكم البسيطة، أنتم الآن تصنعون المستحيل، تحية لفرسان التنمية واللجان الزراعية ومدير المديرية والمشرف وكل مشائخ وأعيان هذه العزلة المبادرة، تحية للجميع على هذا الإنجاز وغيره من المبادرات التي تشهد على عطاءات هذا المجتمع العظيم والمقدام الذي يقف في الصفوف الأولى في جبهات العزة والكرامة، وهو اليوم في ميدان التنمية رائد عملاق في جهده وعطائه، فخورون أننا اليوم نشارككم هذه النجاحات التي إن دلت على شيء فإنما تدل على قوة الإرادة في قهر الصعوبات وتحويل التحديات إلى فرص”.
أعضاء السلطة المحلية وفرسان التنمية في العزلة عقبوا على ذلك الثناء بكلمات أكدت في مجملها أن ما ينقص المخلاف هو توفر الوعي، ذلك أن مخلاف سارع مؤهل لأن يحتل مكانة اقتصادية مرموقة كونه منطقة غنية بالموارد الطبيعية من الماء والتربة والثروة البشرية، مؤكدين أن المخلاف مؤهل أيضا لأن يكون منطقة زراعية منافسة بمنتجاتها، بالإضافة إلى ما يمتلكه المخلاف من ثروة معدنية وحمامات الاستجمام الطبيعية في وادي سردود، مشيرين إلى أن المخلاف لديه عوامل نهوض غير عادية، وكل ما ينقص أهل سارع هو الوعي بكيفية استغلال هذه الموارد، وأنه بمساعدة اللجنة الفنية في مؤسسة بنيان التنموية وبما يتلقاه الفرسان من تدريب وتأهيل على كيفية تحريك المجتمع واستنهاض الهمم وبناء الإرادة في النفوس نحو التغيير لا شك سنصل إلى الهدف المنشود.

 

وادي الأهوار
عقب المشاركة عاد الفريق إلى مفرق “الأحد” ومنه واصل المسير نحو عزلة وادي الأهوار جنوبا.
لا يتسع المجال لبيان تفاصيل ما رأته العين من كنوز القيعان الخصبة ووديان المياه العذبة، ولا وصف ما تتمتع به هذه العزلة من تعدد التضاريس والمناخات الصالحة لزراعة أنواع من المحاصيل الزراعية وتربية وتسمين الماشية، فضلا عن تربية النحل كون سارع تعد من أغنى مناطق الأحواز؛ مناطق المناحل الدائمة في اليمن.
ساعتان من السير على الطريق بسرعة 100 كيلو في الساعة والمشاهد الخلابة لا تتوقف عن يمين ولا عن يسار، لكن ما يؤسف له أن كل هذه الكنوز من الأرض يقطنها أناس فقراء يرثى لحالهم إلا اليسير ممن رأيناهم يعملون على حراثة الأرض أو في رعي الأغنام والأبقار والإبل أو في النحالة.
مؤسف ذلك جدا، لقد رأيت بعيني مصداق القول بأن إنسان هذا المخلاف لا يقدر عظمة ما تحت قدميه من الكنوز والدرر التي لا تحتاج منه إلا القليل من الاهتمام كي تعطيه الكثير ويصير وضعه أفضل مما هو عليه من العوز والفاقة.
على أي حال، وصلنا المكان المراد التوقف عنده على مجرى من وادي الأهوار عند الساعة 2.30 عصرا، على الفور كان الفريق اللوجستي قد سبقنا إلى المكان بقيادة العم محمد الغرباني والشاب الخلوق مصطفى المداني والطباخ الطيب صدام الريمي، وعلى الفور تناول الفريق وجبة الغذاء، ثم أدينا الصلاة، لننتقل إلى مكان في ذات الوادي أعد للقاء.
وفي ورشة مفتوحة عقدت بمقيل على شاطئ وادي الأهوار أمام مجرى السيل ناقش الفريق مع أعضاء السلطة المحلية في المديرية وفرسان التنمية واللجان الزراعية بالعزلة وحضور كثيف لأعيان ووجهاء المنطقة عدداً من معوقات النهوض الزراعي في العزلة خاصة وعلى مستوى المخلاف بصورة عامة، وقد خلص الحضور إلى أن أكبر المعوقات التي تواجه النهوض الزراعي في المخلاف تكمن في وعورة الطرق الموجودة وانعدامها في أكثر مناطق المخلاف، ومشكلة التسويق، والهجرة الداخلية والخارجية لشباب المخلاف.

 

فاجعة مؤلمة
في الختام ألقيا رئيس الزراعية العليا إبراهيم المداني والمدير التنفيذي لمؤسسة بنيان المهند محمد المداني كلمة قالا فيها “إلى متى سنظل نعتمد على الخارج في لقمة عيشنا؟ خير الله كثير، الآباء هنا يعرفون كيف كان الأجداد يتوكلون على الله، وحتى لو ما جاءهم مطر، كانوا يخرجون للاستقساء ويسوقون أمامهم هدياً يذبحونه ويقسّمون لحمه على الفقراء والمساكين وما يعودوا إلا بين المطر، هذا كلام مشهود في تاريخ اليمن..
وواصل رئيس اللجنة الزراعية : إنها فاجعة مؤلمة أن نرى مخلاف سارع في بعد وخصام عن زراعة الأرض، رغم أن عوامل النهوض الزراعي من الماء والتربة والرجال متوافرة هنا بشكل كبير، ما ينقص سارع هو تشمير السواعد ومباشرة حرث هذه الجرب والقيعان وضفاف الأودية والمدرجات، ما هو المطلوب فعله أكثر مما كان آباؤنا والأجداد يفعلونه، كانوا يصفون التربة، ويذبلوها، ويحرثوها.
اليوم الجيل الجديد، يريد الأرض أن تكون مثل الجنة تؤتي أكلها من ذات نفسها، هكذا من دون أن يبذل أي جهد، لا حراثة، ولا صيب، ويريد منها حباً وإلا فإنها كسولة.. لا، والله ما هي كسولة، ولكننا نحن المهملون.. الأرض تريد اهتماما من الجميع وتحركاً من الجميع، ما تريد دعاية وإعلاناً فقط، الأرض واعدة بالخير، ومواسم الأمطار قادمة بإذن الله..
نتساءل: ما لكم يا رجال، أرضكم صالبة، وهذه الأنهار تجري من تحتها، تقولون: ليس لدينا طاقة شمسية.. طيب، وهذا المعراج؟ قالوا: مفجور، ما لكم يا كبار القوم ما ترشدوا الشباب إلى كيف يعالجون مثل هذه الإشكاليات البسيطة؟ اجابوا: عيالنا مخزنين، مكيفين ما هم في وادي الزراعة!
مشيراً إلى أن المزارع بالأمس كان يشبع أهله، ويشبع جيرانه، ويشبع كل من قصده، ويملأ المدفن، لسنة والبعض يمليه لسنين قادمة، اليوم، نحن لا نملك شيئاً من ذلك الخير، ومن ذلك الوعي ولا من تلك الحمية، لماذا؟ هل الله سبحانه وتعالى منع عنا عطاءه أم نحن تغيرت طباعنا، أكيد، نحن من تغيرنا، وليس الله، حاشاه سبحانه الذي لن يغير على قوم نعمة أنعمها عليهم حتى يغيروا هم ما في أنفسهم.. سننه سبحانه وتعالى ثابتة ما تتغير، نحن من نتغير..
ويضيف: هناك من يقول إن المطر قل، لأن الطبيعة تغيرت، تغير المناخ، الأرض فقرت؛ فقدت بركتها، حتى إذا ما سألت مزارع اليوم: مالك تركت جربتك، أجاب: والله ما عاد به بركة، ويحلف يمين.. أكيد، وعي هذا القائل قاصر، الحقيقة أن البركة لم تعد فينا نحن، وليس في الأرض، وإلا كيف يعقل أن هنا من يريد طاقة شمسية، والمعراج موجود أمامه.
وأكد: نحن اليوم في ثورة، وبهذه الثورة نريد تغييراً بالموجود، من الحاصل، من الممكن والمتاح، لا داعي للبحث عن العناقيد الحامضة، لا يأتي من يقول يريد أن يحفر بئراً ارتوازية، وهو على غيل جار، ولا يقل لنا يريد يزرع في الجوف، وهو ما زرع جربته أمام بيته.. يا أخي: اسق من الغيل الذي جنبك، اشترك مع جارك في بئره وتساعدا على تكاليف الديزل، واستخدم حراثته وشاركه في إصلاحها وصيانتها، وإذا لم توجد لديكم سجل في وحدة الحرثة المجتمعية.
ونوه: نسمع شكوى الكثير من المزارعين عن ضعف التسويق، وصعوبة النقل، وخلافه من المبررات، مع أن المشكلة بسيطة ولو بحثناها بقليل من التأمل سنجد أن الناس كلهم يقومون يزرعون طماط، أو خضروات، والكل يريد يسوق منتجاته في نفس الوقت.. لن نناقش هذه السالفة كثيراً، فقط، لدي سوق مفتوح، وبقيمة مدفوعة ومضمونة.. ازرعوا قمحاً، حبوباً بأنواعها ونحن في اللجنة الزراعية مستعدون للشراء منكم مباشرة، وإلزام مستوردي القمح بأن يشتروا منتجاتكم بنفس سعر ما يدفعون للخارج.. ولدينا أيضا زراعة تعاقدية، نلزم التاجر بأن يتعاقد معكم على زراعة كمية معينة من القمح، ونلزمه أيضا بأن يقدم لكم العون في المدخلات.. فهيا إلى العمل.
وقال: أما إذا استمرينا في الاعتماد على المنظمات والدعم الذي يأتينا من الغير، أو تبقى لقمة عيشنا من الغير، فإن هذا الغير يقدر يغلق علينا الاستيراد في أي لحظة، لا بد من رفع الهمم من قبل الجميع.؛ سلطة محلية، فرسان تنمية، لجان زراعية، وجهاء وأعيان، مواطنين.. يا ناس، أقلها كانت احتياجات الأسرة اليمنية من أرضها.. حليبها وسمنها من بقرتها.. وبيضها من دجاجها، وخضرتها من حوشها.
واختتم: أنتم في وادي هوار، لما تحصلوا على الخضرة، هل تزرعونها على هذه المياه أم أنكم تشترونها من السوق.. طبعا، حسب ما جاء في النقاش الآن، من السوق؟ بالله عليكم، ما هنا فضيحة أعظم من هذه؟ إنها فضيحة كبيرة أن تكون حاجاتنا كلها من السوق، حتى الحليب والزبادي.. أعتقد أننا سنكتفي بالتوقف عند هذا في هذه الزيارة، وإن شاء الله نزوركم مرة أخرى وقد تغيرت الكثير من المفاهيم المثبطة، وقد وجدت العزائم الفاعلة والعاملة والبحث عن الحلول، وقد تم القضاء على مفاهيم العجز والتواكل”.

 

فاصل
على إثر ذلك، أقفل محضر اليوم الثاني، وانطلق الفريق من فوره نحو هدف تنموي توعوي جديد مع منطقة أخرى، كانت الوجهة حينها محصورة على القيادة والدليل من المخلاف، وفي طريق العودة وصلنا مرة أخرى مفرق “الأحد”، ومن هناك توقفت الرؤية، فالغدرة اطبقت ستارها، والوجهة كانت في علم القيادة، انطلقت سيارات الفريق في اتجاه مجهول عبر طريق وعرة وبسرعة فاقت المائة، طال أمد الوصول إلى السجادة السوداء إن لم يكن اليأس قد دب في قلوب البعض من أعضاء الفريق، على حين غفلة لم نلتفت إلا ونحن أمام ساحة مسجد في قلب مديرية الخبت حيث كان المبيت، وذلك عند الساعة الـ 11 ليلا.

دور بارز ومشكور
مدير عام مكتب الزراعة والري في المحويت محمد الجرادي، ومدير عام مديرية جبل المحويت خماش حبيش كان لهما الدور البارز والمشكور في مرافقة الفريق والمشاركة الفاعلة عن الجانب الرسمي في لقاء المجاديل وورشة الاهوار.

المقلب لوث المياه
يطالب أهالي عزلة المجاديل بمخلاف سارع السلطة المحلية في محافظة المحويت بأن تعمل على نقل مقلب القمامة التابع لمديرية المدينة ويدبروا له مقلباً بعيداً، فقد لوث المزارع، والناس بطلوا يزرعوا، ولوث المياه إلى درجة أن الماشية تشرب منه ويحصل لها انتفاخ وتموت، والناس الذين يغتسلون منه يصابون بحكة، مؤكدين أنهم قدموا الكثير من الأوراق والشكاوى، وأن لهم 15عاما على هذه الحال “نتابع إزالة هذا المقلب.. تكلمنا كثيرا: الماء تلوث، وفي الحاجز الماء أصبح لونه أسود، الشجر والدواب والناس تأثروا، لم نعد قادرين حتى على زراعة الخضروات.. ما هو الحل، أسعفونا به ينالكم ثواب من الله؟”.
* لقاؤنا يتجدد مع “الحازة ومراعي النحل” غربي الخبت

Categories
لقاءات مبادرات مقالات

من المحويت..زراعة الجبال في اليمن هوية احترفها اليمنيون وحصدوها فاكهة وحَبًّا وأبًّا

بنيان – مقالات 

 

نظمت مؤسسة بنيان التنموية بالشراكة مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا والسلطات المحلية في محافظات: المحويت وحجة والحديدة وريمة، زيارة توعوية وتفقدية إلى 16 مديرية تم اختيارها مديريات نموذجية ضمن 50 مديرية على مستوى الجمهورية.
إيضاح الخطوط العريضة في موجهات القيادة الثورية المباركة والسياسية العليا نحو إحداث ثورة زراعية تنموية على نطاق واسع من المشاركة المجتمعية مثلت أولويات أهداف الزيارة التي تتخذ من ايحاءات الدروس الرمضانية لقائد الثورة، مسارا ومنهجا يهتدى به في تبديد ظلمات ما أوغرته العقود الماضية من المفاهيم المغلوطة والعقائد الفاسدة في المجتمع الريفي سواء عبر الإهمال والفساد الداخلي أو بسياسات التدمير الممنهج عبر المنظمات العاملة تحت ما يسمى بالعمل الإنساني.. “الثورة” شاركت في الفريق الإعلامي للزيارة، ومن عمق الحدث تسرد الحكاية الكاملة للرحلة خطوة بخطوة، فإلى التفاصيل:

الثورة – يحيى الربيعي

انطلق الوفد في الساعة الثامنة صباح يوم 18 مايو 2021م في اتجاه غرب العاصمة صنعاء قاصدا مديرية الرجم محافظة المحويت.
أولى مشاهد الحياة الريفية تجلت بالظهور من قاع المنقب ذلك القاع الذي أصابته العين، فلا هو بالمعمور ولا هو بالمزروع، فقد تحول من قاع زراعي إلى مجرد قطع من الأراضي المحجوزة بالطوب.
نترك الحديث عن المد العمراني وما يحدثه من سطو واحتلال جائر للأراضي الزراعية ونعرج إلى التأمل على جنبات الطريق التي تزخر بأكوام من السلال والسطول المعبأة بفاكهتي الفرسك والبرقوق البلدي ذات المذاق الذي لا يمل.
شدني المنظر كما فعل برفقاء الرحلة فما كدت أنطق حتى صاح الجميع “هاتوا نطعم”، وقف الباص أمام أحد تلك الأكوام، فكانت المفاجأة أن سعر السطل بألف ريال؛ قيمة كيلو في صنعاء.
نضع خطاً تحت العبارة وعلامتي الاستفهام والتعجب ونشتري سطلا بألف ريال ونمضي مع لحظات الاستمتاع بمذاق الفاكهة اليمنية الأصيل والرائع، حيث امتنع الكثير منا عن غسلها بالماء مكتفيا بالمسح والأكل مباشرة لأنها خالية من السموم والأسمدة الكيماوية فعلا، وتعيش على الطبيعة النقية.
يطل علينا من على مشارف حجر سعيد مشهد جميل غزير في الخضرة باعث على الابتهاج والسرور محمل بالهواء العليل كثيف الأكسجين، لنرى بأم أعيننا كيف أن المزارع هناك يولي جل اهتمامه بأشجار الفرسك والبرقوق رغم أنها لا تثمر سوى مرة واحدة وبكميات قليلة في العام إلا أنها تلقى عناية خاصة وزراعتها في تزايد مضطرد.
وعند مفرق شبام ثلا، فضل الوفد الاتجاه يمينا صوب منطقة حبابة التابعة إداريا لمحافظة عمران، تلك المنطقة التي تمتاز بطبيعة جغرافية جمعت بين السهول والهضاب فالجبلية، وكلها أراض زراعية على مد البصر.
ما يلفت الانتباه في هذه المنطقة أن أهلها محافظون على قيمة الإنسان اليمني، ذلك الإنسان المرتبط بأرضه ارتباطا وثيقا.. الإنسان الذي يعشق أرضه كالغانية، فهو دائم الاعتناء بها حرثا وذبلا وتسوية للسواقي ودائم الغرس والحصاد. هناك تلاحظ الأرض كلها محروثة وتزدان باللون البني الذي يدخل السرور إلى النفوس ويبعث على العزة والافتخار بأن سكان هذه المنطقة يأكلون مما يزرعون.
كل سهول وهضاب ومدرجات حبابة تستعد لموسم الذري، وتنتظر غيث الرحمن كي ترمى في جوفها بذور الحبوب من الشعير وأنواع الذرة الرفيعة وغيرها من المحاصيل النقدية من الخضروات والبقوليات.
هكذا هي جنبات الطريق تزخر بالمناظر الخلابة الممتزجة بمشاهد لقلاع مهجورة بنيت من قبل الأجداد في أعالي التباب وقمم الجبال تحكي تاريخا يقترن بقصص وحكايات من نضالات وكفاح الإنسان اليمني عبر عصور غابرة من الزمن.
وصلنا مدخل الطويلة ومررنا بسوقها الذي يقع في وسط مدينتها التاريخية في اتجاه مديرية الرجم.
هناك حيث تغير المشهد، وانقلب 180 % إلى كفة إهمال متعمد للارتباط بالأرض عدا شذرات من المدرجات المحروثة بصورة مبعثرة على مساحات شاسعة من الأراضي والمدرجات المهملة.
يستمر المشهد هكذا حتى منطقة بيت قطينة حيث يعود المشهد إلى روعته، ولكن في حلة جديدة، لاسيما وأن حوالي 80 % من الأراضي قد زرعت بشجرة القات.. مررنا بصمت وهدوء تام من وسط سوق كبير فيه يباع القات بكميات تجارية ترحل إلى المدن.

شتلات
وفي منطقة خبة بداية مديرية الرجم توقفنا فجأة لينزل الجميع من على السيارات حيث كان في استقبال الوفد جمع غفير من المواطنين ورجالات السلطة على رأسهم المحافظ الشيخ قطينة، والأمين العام الدكتور الزيكم والوكيل الأول للمحافظة أبو محمد الهطفي.
وما هي إلا خطوات على الأقدام صعودا إلى أعلى تبة فإذا بنا أمام مشروع صغير لأحد مواطني المنطقة، المشروع عبارة عن مشتل مصغر تم إعداده من مكونات بسيطة جدا، لا تلاحظ وأنت تراه من بعيد إلا خياما شبيهة بخيام نازحين، هكذا خيل إلينا في بداية المشهد.
المفاجأة في داخل تلك الخيام كانت مذهلة، إذ بنا أمام مشتل رائع في المحتوى الذي تناوله صاحب المشروع المواطن صالح حميد الزقور بشرح مقتضب: 10000 شتلة من أشجار الفواكه والزينة تمثل إجمالي إنتاجية المشتل وبالجهد الفردي المتميز يغطي المشتل احتياجات المحافظة من شتلات البن والفواكه.. المشروع نال إعجاب الجميع، وكتب عن رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا إبراهيم المداني ومعه المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية في سجل الزيارات أنه من المشاريع التنموية الناجحة المستحقة للتقدير والتشجيع المعنوي، مؤكدين إمكانية أن يتم استيعاب مخرجات هذا المشروع القيم في إطار مشاريع الثورة الزراعية.
وعلى هامش الانبهار بمحتوى المشتل شدتنا مناظر خلابة في أراضي من حوله وهي تكتسي حلة خضراء بهية تتخللها بقاع امتازت بلون مائل إلى اللون البني هو لون الأرض المحروثة استعدادا لاستقبال بذور الذرة الرفيعة وأنواع من الخضروات.. بدت المناظر جميلة رغم أن أغلبها لشجرة القات؛ مصدر رزق الكثير من سكان المنطقة والمهاجرين من مختلف مديريات المحافظة إلى خبة للعمل في العناية بأرضه أو كمبزغين أو شرائها بكميات تجارية وبيعها في أسواق الأمانة وصنعاء.
انتهى الوفد من استطلاع معالم المنطقة واطلع الجميع على مبادرة مواطني المنطقة في بناء وتجهيز ديوان عام للاحتفالات ومناسبات الزفاف والعزاء والاجتماعات العامة ليكون وقفا لاستغلاله من قبل أبناء المنطقة. في مناسباتهم بإقامته وتنظيفه.. المبادرة لاقت تقديرا عاليا واشاد بها رئيس الزراعية العليا والمدير التنفيذي/بنيان والمحافظ والأمين العام ووكلاء ووجهاء المحافظة وأعضاء السلطة المحلية بمديرية الرجم.
انتقل الجميع من فورهم تجاه عزلة بيت سليمان التي تبعد عن خبة مسافة 10 دقائق وتقع على بعد حوالي 2.5 كيلومتر طريق جبلية وعرة وشاهقة لا تصعدها إلا سيارات الدبل.

مبادرات
عند مدخل العزلة من الطريق العام جنبت السيارات السنجل وتعلق أغلب أعضاء الوفد على سيارات الدبل التابعة لأبناء المنطقة.ِ. ساعة من السفر الشاق والمخيف في بعض منحنياته الطريق وملفاته والكل في صمت وتسبيح حتى وصلنا إلى مكان منبسط في وسط الطريق يتجمع فيه مواطنو المنطقة ويعملون على تقطيع الأحجار بوسائل تقليدية وبسواعد الرجال.
هناك وقف الجميع لسماع مفاجأة الموسم على لسان العاقل عبدالله سليمان الذي أعلن مبادرة الأهالي في تقطيع الأحجار لغرض رص 2.5 كيلو متر من تلك الطريق وبكلفة تقديرية 63 مليون ريال على نفقة أهالي قرى بيت سليمان.. واصل الوفد الصعود مشيا على الأقدام كي يساهم أعضاؤه في المبادرة حتى وصل الجميع قمة الجبل.
هناك ارتسمت علامات ابتسامات عريضة على وجوه مواطني المنطقة ابتهاجا وسرورا بأول زيارة يقوم بها وفد حكومي رفيع المستوى يتلمس همومهم ويشاركهم “جايش” مبادرة رص الطريق وتدشين مبادرة تشجير الجبال.

كلمات
وأمام بركة بيت سليمان التي تم انشاؤها بمبادرة خالصة من مواطني المنطقة لحصاد مياه الأمطار، جلس الجميع إلى جوارها بخشوع لسماع كلمة قيمة عن أهمية الزراعة في حيازة استقلال القرار اليمني، أوضح خلالها رئيس الزراعية العليا ابراهيم المداني أهداف الثورة الزراعية التي دعا إليها سماحة القائد العلم السيد عبدالملك الحوثي رضوان الله عليه، وبين مدى ما تمثله الجبهة الزراعية من أهمية في مصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، مؤكدا أن الزراعة تمثل العمود الفقري للاقتصاد، وإذا أعطيناها الاهتمام اللائق سنبني اقتصادا قويا وعلى نحو صحيح، وسنحقق الاكتفاء الذاتي في قوتنا الضروري، وعند ذلك نضمن أمننا ونعيش بكرامتنا.. إذا وفرنا لقمة عيشا، فلن يتحكم بنا أعداؤنا فيما يدخل إلينا من غذاء.. لهذا، فإن علينا أن ننتج هذا الغذاء، كي نكتفي ذاتيا ونستمتع باستقلالية قرارنا.
وذكر بما مثلته الزراعة من سمة تاريخية أعطت مكانة مرموقة للإنسان اليمني القديم فيما حملته قوافله التجارية إلى مشارق الأرض ومغاربها.
تلا ذلك بيان عن أهمية المشاركة المجتمعية في التنمية ألقاه المدير التنفيذي/ بنيان المهندس محمد المداني أوضح فيه دور فرسان التنمية واللجان الزراعية والسلطة المحلية في نشر التوعية بأهمية عودة الإنسان إلى أمجاد آبائه وأجداده الذين لم يتركوا شبرا من الأرض غير مستغل بالزراعة من خلال استنهاض قدرات المجتمع وإمكاناته المتاحة نحو العمل التنموي، مشيدا بالدور الوطني والديني البارز الذي لعبه أبناء محافظة المحويت في جبهات العزة والكرامة، مناشدا ذات الإرادة والعزيمة الاتجاه بذات الوتيرة والروح الإيمانية نحو الجبهة الزراعية.
وهناك دشن المحافظ قطينة ومعه قيادات السلطة المحلية بالمحافظة مبادرة زراعة 2 مليون شتلة في جبال المحويت في إطار المبادرة الوطنية الكبرى لزراعة جبال اليمن بـ100 مليون شتلة، مؤكدا استعداد أبناء المحافظة تلبية دعوة سماحة العلم حفظه الله المشاركة المجتمعية في النهوض الزراعي والتنموي على مختلف المستويات، منوها إلى أن أبناء المحافظة في مقدمة الصفوف الجهادية.
وشرع المحافظ والأمين العام ووكلاء المحافظة ومعه مشائخ وأعيان ومدرسو ومواطنو بيت سليمان وبمشاركة رئيس الزراعية العليا والمدير التنفيذي/ بنيان والوفد المرافق لهما في غرس بذور السدر واللوز في الجبال المجاورة للبركة، وحوش المدرسة.

مشاهدات
عقب ذلك استعد الجميع لساعة الهبوط الاضطراري إلى سهل الرجم، وخلال مراحل الهبوط إلى السهل استمتع الجميع بمشاهد زراعية عمت هضاب ومدرجات وسهل الرجم التي امتازت بزراعة العديد من المحاصيل النقدية من الخضار كالكوسة والطماط والبامية والبطاط والبقوليات كالفاصوليا والفول والعدس والبلسن والدجر والحب العزيز، والحبوب كالذرة الرفيعة والذرة الشامية والدخن.. كما بدت في الصورة العديد من برك وحواجز وسدود حصاد المياه التاريخية منها والمنشأة حديثا، وهي نظيفة تستعد لحصاد موسم الأمطار لهذا العام من واقع اهتمام مبادرات مجتمعية وبإمكانات وجهود ذاتية من قبل الأهالي.
كل ذلك شكل لوحة إبداع طبيعية رسمت بحهود أبناء المنطقة أدخلت السرور والشعور إلى نفوس الجميع الذين عبروا عنها بكل معاني ودلالات الاعتزاز بما تزخر به الأرض من العطاء.
لم تتوقف اللوحة عند مشهد واحد من العرض بل لاحظنا النهوض العمراني والنشاط الحيوي بحركة دؤوبة في كل قطاعات الحياة الحيوية والاقتصادية والاجتماعية، فالإنسان هنا لم يعد في مظهره ذلك الريفي البسيط، بل صار ذكيا ولديه آمال طويلة الأمد ومشاريع متعددة الأغراض بتعدد مجالات الحياة ويستخدم في إدارتها أحدث التكنولوجيا.
ذات المناظر الخلابة إخضرارا والتربة المتميزة باللون البني هي ذاتها تكرر على طول الطريق الممتدة إلى مركز المحافظة المتميز بطابعه التاريخي الممتزج بلمسات الإبداع الحضاري المتجدد للفن المعماري اليمني.
وفي مركز المحافظة كان لنا لحظات استطلاع على محتوى الفرن الخيري التابع لمؤسسة بنيان التنموية والذي يقوم بتوزيع الكدم على الأسر الفقيرة والمساكين وذي الاحتياجات الخاصة في مدينة المحويت، وهو في طور توسيع خطوط التوزيع لتغطية مديرية الجبل في المستقبل القريب.
وفي احدى استراحات مركز المحافظة التي وصلنا إليها في الساعة 2 عصرا خلد الوفد إلى الراحة وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مسجد مجاور للاستراحة فالغداء والقيلولة استعدادا من الجميع لمواصلة السفر تجاه مخلاف سارع الذي وصلنا جمعته قرابة الساعة 8 مساء الثلاثاء.
في الطريق من مركز المحافظة إلى جمعة سارع داهمنا الليل وأسدل ستاره، فلم نشاهد غير اليسير مما تصل إليه كشافات السيارة، والحقيقة تقال: لم تخب العين مرة في الكشف عن جمال طبيعة وعظمة إنسان لم يمهلها إلا في اليسير من المشاهدات التي بدت غير محروثة، لكنها لا تخلو من أن تكون مناطق خصبة للرعي وتربية المواشي.

 

سلاسل القيمة
على ضفاف الحاجز المائي بالوادي نصب أعضاء الوفد خيامهم، وتناولوا وجبة العشاء عقب أداء صلاتي المغرب والعشاء.. بعدها عقد رئيس الزراعية العليا والمدير التنفيذي/ بنيان ورشة عمل تلقى فيها أعضاء الوفد دروسا مفيدة عن كيفية الاستقصاء والبحث، ورسم الخطط وتنفيذ البرامج المجتمعية وكيفية تشجيع وتحفيز المجتمع نحو المشاريع المجتمعية، وكيفية المتابعة وإنشاء دراسات سلاسل القيمة.
اقفل بذلك محضر اليوم الأول من الزيارة في تمام الساعة 11مساء.. وخلد الجميع للنوم على خرير مياه الحاجز ونقيق الضفادع، ومخاوف من إمكانية طواف السباع والزواحف مكتفين بقراءة آية الكرسي والمعوذات حرزا ووقاية.
وإلى لقاء يتجدد مع رحلة في أعماق مخلاف سارع.

Categories
مقالات

ملامح متنوعة لمبادرات مجتمعية بعدد من مديريات محافظة صنعاء

بنيان – صنعاء – سبأ : جميل القشم

جسد اليمنيون خلال ستة أعوام من الصمود في مواجهة العدوان أنموذجا للإصرار والوعي لمواجهة التحديات تخطيطاً وتنفيدا للتغلب على ما يفرضه استمرار العدوان والحصار من معاناة في توفير احتياجاتهم الخدمية .

وبدأ أفراد المجتمع بوعي في تنفيذ مبادرات طوعية تحفزها قيادات وجهات ذات علاقة في مختلف المحافظات تنظر للمستقبل بأفق واسع وللواقع بجهود تستشرف الأمل.

هذه المبادرات التي بدأ تنفيذها في عدد من مديريات محافظة صنعاء كغيرها من المحافظات ، تمثل عنوانا للإرادة الصلبة للمجتمع في الرغبة لتلبية الاحتياجات الخدمية في ظل ظروف المرحلة الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

وتتضمن المبادرات بالتعاون مع مؤسسة بنيان التنموية وجمعية القطاع الغربي لأبناء محافظة صنعاء شق ومسح طرقات وأعمال رصف ومشاريع خدمية في مناطق جبلية وعرة ضمن مصفوفة مبادرات ذاتية تسهم في تلبية الخدمات للمجتمع بأيادي أبنائها.

ودشنت قيادة السلطة المحلية في مديرية الحيمة الداخلية برنامج تحفيز المجتمع بمشاريع زراعية ومسح وشق طرق في مناطق بعزلة بني عمرو بمبادرات طوعية واسعة يشارك في تنفيذها أهالي مناطق ربع الخير وربع بني علي وربع الرصعة وربع نعام في خطوة تمثل شعاع أمل للتطوير التنموي بمعاولهم وما تجود به أياديهم.

وعلى طريق تهيئة روح المبادرة المجتمعية لتدشين أعمال مبادرات واسعة ، تواصل مؤسسة بنيان التنموية بالتنسيق مع قيادة المحافظة والقيادات المحلية في المديريات عقد ورش ولقاءات عامة مع أبناء المجتمع لتحفيزهم على خطوات البناء ومواجهة التحديات ومناقشة الفرص الايجابية لتحقيق متطلباتها الخدمية.

وأقيمت عدد من هذه الورش التعريفية واللقاءات في اطار برنامج فرسان التنمية في عزل الجدعان والحدب وبني المهلهل وغيرها من مناطق مديرية الحيمة الداخلية وكذا في عزلة بني خطاب ومدينة مناخة ومناطق بمديرية بني مطر ، في إطار خطة استراتيجية تشمل مختلف مديريات المحافظة لالهام المجتمع بضرورة اصلاح واقعه لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وفي هذا السياق أكد محافظ صنعاء عبدالباسط الهادي الحرص على تشجيع إطلاق مبادرات وحملات مجتمعية متنوعة تسعى إلى جعل العطاء قيمة راسخة وممارسة متواصلة من خلال أعمال بسيطة تحدث تأثيراً بالغ المدی لترسيخ قيم التماسك والتكافل والتلاحم المجتمعي.

وأوضح أن متطلبات المرحلة وحجم المسؤولية استدعت إنشاء جمعية للقطاع الغربي كمرحلة أولية تتولى التنسيق مع قيادات السلطة المحلية في مديريات بني مطر والحيمية الداخلية والخارجية ومناخة وصعفان ومتابعة حشد الجهود لتنفيذ خارطة مبادرات ذاتية تسهم في تحسين الخدمات بتعاون أبناء المجتمع.

واعتبر الهادي تشجيع المبادرات الطوعية أولوية مهمة لما من شأنها تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة..مؤكدا أن ثمار هذه المبادرات بدأت تتجلى في مشاريع خدمية يجري تنفيذها في مجال الأشغال والطرق والمياه وغيرها.

كما أكد محافظ صنعاء أن تداعيات الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد في ظل استمرار العدوان والحصار تستدعي تضافر جميع الجهود لتنفيذ المشاريع والانجازات وضمان تقديم جميع الخدمات للمواطنين والاستمرار في رفد الجبهات لمواجهة العدوان .

وأشار إلى أهمية أن تسهم هذه المبادرات في تعزيز وعي أبناء المحافظة لحجم الصعوبات والظروف التي يمعن العدوان في فرضها على أبناء الشعب اليمني لالهامه على التحرك لمواجهة التحديات والنهوض بالمسئوليات الملقاة على عاتق الجميع في ظل المواجهة المصيرية للوطن ضد قوى الاستكبار العالمي.

وذكر أن من أولويات قيادة المحافظة الاسهام في مواجهة تداعيات المرحلة وتعزيز الهوية الإيمانية بالتلاحم والالتفاف إلى جانب القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى وتفويت الفرصة على العدوان للنيل من النسيج المجتمعي..لافتا إلى تنامي حالة الوعي والاصرار المجتمعي لقهر التحديات وتحقيق تطلعاتهم في الإعمار والتنمية.

وحث المحافظ الهادي قيادات السلطة المحلية والجهات ذات العلاقة على حشد البرامج الفاعلة لتوجيه وتحفيز طاقات المجتمع لإبراز روح المبادرة الوطنية والتلاحم المجتمعي وإيصال رسائل للعالم باستمرار صمود اليمنيين في مواجهة تداعيات العدوان والعمل على تحقيق رفعتهم ومكانتهم.

من جانبه ثمن مدير عام مديرية الحيمة الداخلية محمد البشيري تعاون قيادة المحافظة ومؤسسة بنيان وجمعية القطاع الغربي في تبني مشروع دعم اطلاق المبادرات الذاتية سيما واليمن يقترب من تدشين العام السابع من الصمود لكسر القيود المفروضة على التنمية وتحسين الخدمات.. منوها بوعي المجتمع ومعنوياته وقناعاته في العمل والكفاح والمشاركة في تحقيق المصلحة العامة.

وأوضح أن المبادرات المجتمعية تتواصل في عدد من عزل المديرية لاستثمار الجهود والطاقات وردم فجوة الاحتياجات الخدمية..مبينا أنه يجري التنفيذ والتنسيق لتنفيذ مشاريع رصف طرق وجدران ساندة وشق طرق في مناطق جبلية وعرة لم تتحق فيها أي مشاريع وذلك بسواعد وأكتاف أبنائها.